التحولات العميقة

افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير – علي نصر الله:

يَنشغلُ معهد أبحاث الأمن القومي الصهيوني ودوائر أخرى في الكيان الإسرائيلي وواشنطن بدراسة التحولات السياسية والعملانية الحاصلة، وباحتمالات تأثيرها في العلاقة الإسرائيلية – الأميركية – الأوروبية، فضلاً عن دراسة الارتدادات المُحتملة لهذه التحولات لجهة الأثر الذي تتركه على مخططات الأمس وبَدائلها، لتتكاثر الأسئلة حول ضرورات تطويرها ووجوب إعادة التقييم لها، وللمَخاطر المُترتبة من بعد زلزال الحدث الأفغاني وخطة الانسحاب الأميركي من كابول كمُقدمة للخروج من المنطقة.

تُجمع الأوساط الصهيونية على أنّ المخاطر مُرشحة للتعاظم في عدة اتجاهات، وتَكاد تُسيطر حالة من الهلع ليس على الأحزاب والحاخامات فقط، بل انتقلت إلى تجمعات المُستوطنين الذين راح كل واحد منهم يَتفقد حقيبته الصغيرة الحريص على مُحتوياتها، فيُعيد كل يوم قراءة صلاحية جواز السفر الثاني – غير الإسرائيلي – وأوراق الجنسية الأخرى، وليُعيد حساباته المُتعلقة بالمستقبل.

السؤال المَركزي الذي يَتردد في الكيان الصهيوني وبين مُستوطنيه بهذه الأثناء يُحاول رؤية الغد، ويَعكس مَقادير القلق المُتنامية من بعد الشروع بتنفيذ وثيقة جو بايدن، فالخروج الأميركي من أفغانستان بالقراءات الإسرائيلية هو بداية للخروج الكامل الذي حتى لو كانت حساباته دقيقة ومُخططاً لها بعناية، فقد بات معه من الثابت للإسرائيليين أنّ احتمالات الاستخدام الصهيوني لليد الأميركية الثقيلة ستتقلص على نحو مُرعب، فضلاً عن أنّ حساباتهم ترى أنّ المشكلات التي تنشأ بين واشنطن وشركائها بالناتو سيكون لها أثرها العميق هنا وبالتحالفات القائمة والمُمتدة، وليس فقط على إستراتيجيات المواجهة مع روسيا والصين.

رئيسُ أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي السابق غادي إيزنكوت وجنرالات في الموساد وزعماء أحزاب صهيونية ورؤساء كتل في الكنيست، يَستشعرون خطر التحولات الحاصلة، ويُشيرون إلى نقطة جوهرية تتلخص بأنَّ عليهم فعل كل شيء بالسرعة القصوى لمنع التدهور ولتطويق احتمالاته لطالما تجاوزت واشنطن مرحلة البحث والنقاش في جَدوى بقائها بالمنطقة، بمُقابل تقديرها بوجوب تركيز ثقلها في المحيط الهادي. الأمر الذي صار واقعاً مع تَشكّل “أوكوس” الذي ضربَ بقوة أُسس شراكات قديمة ويَصعب ترميمها بالتصريحات التي أتت، وستأتي لاحقاً. وإن صدمة الإسرائيليين – حسب الإسرائيليين أنفسهم ظاهرياً – ستبقى الأكبر.

الصدمة التي تُستثمر لتَكون الرافعة لفعل آخر، يُنهي حالة التردد والتشتت، تَلتف المَخاطر حولها، وتُعمقها بدلاً من أن تُبدّدها، ذلك أنّه إذا كان صحيحاً أن أميركا بمُغادرتها أفغانستان لا تسعى للهدوء، ولا تبحث عنه، وذلك أنه إذا كان صحيحاً أنها تُبادر للتصعيد وإشعال النيران حالها حال الكيان الإسرائيلي حليفها الإستراتيجي الذي لا تُضحي به، وحليفة الكيان الأبدية التي قد يُحرقها الإسرائيليون قبل أن يَروها تَتَخلى عنهم، إلا أنّ ذلك بأصله هو ما يَحمل اليوم أعظم المَخاطر على الجانبين، فالأمر يَتعلق بما يَصطدمان به، وبما يَكتشفانه بعد كل مُحاولة للتصعيد، وبعد كل مَسعى للتفجير، إذ لا الهروب للأمام يُمثل حلاً ومَخرجاً، وكذا الهروب للخلف لن يُخفف المَخاطر أو يُزيلها.

ما المَخاطر التي يَخشاها الجانبان الأميركي والإسرائيلي؟ ولماذا تتعدد تَصنيفاتها؟ بل ما جبهاتها الأساسية؟ ولماذا تتكاثر؟ هل يتصل ذلك بهما أم بالخصوم؟

هنا ينبغي إعادة تَصويب مفهوم المَخاطر، ذلك أنّ ما يُعد خطراً بالتقديرات الإسرائيلية – الأميركية هو على النقيض من ذلك لدى الأطراف المُستهدفة، فهو رد للعدوان، وهو مُقاومة لمشاريع الاحتلال والهيمنة، وهو دفاع عن الأوطان والمبادئ، وعن السيادة والاستقلال، وهو بحث مشروع عن الاستقرار والسلام والتنمية.

غادرت الولايات المتحدة أفغانستان، وستُغادر العراق وسورية مع فلول إرهابييها، خَرجت نهائياً من الشرق الأوسط وغرب آسيا بإرادتها ووفق أولوياتها أم مُرغمة على ذلك، فهو ما لا يُغير شيئاً بالحقائق التي تُدلل على عُمق أزمة مشاريعها المُشتركة مع “إسرائيل” والغرب الاستعماري، بل سيُؤكد ما تُنكره من هزيمة لحقت بها، ولن تتوقف ارتداداتها عند حدود نشوء مُعادلات دولية جديدة نَشهد تَحولاتها العميقة.

عادت واشنطن للاتفاق النووي الإيراني أم لم تَعد، اعترفت بهزيمة مشروعها وتَمزُّق مخططها الإرهابي في سورية أم لم تَعترف، استلمت مع حليفها الصهيوني رسائل القوّة أم رفضت استلامها، أساءت التقديرات في ذهابها إلى بحر الصين الجنوبي ومَضائق تايوان أم بالغت فيها، فإنّ ذلك لن يَمنع تَشكُّل نظام عالمي جديد على نَحو آخر لا مَكان فيه بالتأكيد لقطبية أحادية.

 

 

 

 

آخر الأخبار
عودة ضخ مياه الشرب في مخيم اليرموك  وقوف ممنوع وورشات إصلاح تعرقل حركة المارة في زقاق الجن  ربوة قاسيون.. أيقونة الحضور في الزمن الغابر    في تحول مفصلي .. واشنطن ترفع العقوبات عن سوريا فرصة تاريخية أمام سوريا  لإعادة الإعمار والانفتاح واشنطن ترفع العقوبات رسمياً عن سوريا والرئيس "الشرع" وهذه دلالاتها وصول أول باخرة قمح إلى مرفأ طرطوس تجارة المياه المربحة...  بعد يوم واحد على السماح 115 طلباً لتراخيص إنشاء معامل فلترة وتعبئة مياه معد... تشديد الرقابة على صناعة المرطبات في "حسياء "فريد المذهان"... "قيصر" يستحق التكريم القبض على مجموعة خارجة عن القانون في درعا قسم النسائية في مستشفى الجولان بالخدمة جيلٌ كُسرت طفولته.. عمالة الأطفال في سوريا بعد الحرب "سينما من أجل السّلام".. مبادرة الوفاء لحلب جيلٌ كُسرت طفولته.. عمالة الأطفال في سوريا بعد الحرب بعد أن عدت إلى دمشق.. درعا.. منح مالية لمعتقلي الثورة المحررين إزالة التعديات على شبكة المياه في  قدسيا بعد 14 عاماً من الغياب ..فعاليات متنوعة لمهرجان التسوق في الزبداني تركت ارتياحاً في الأوساط الصناعية.. اتفاقيات سورية تركية تدعم الشبكة الكهربائية آفاق جديدة للدعم الطبي.. سوريا والنرويج نحو شراكة مستدامة