الثورة أون لاين – يمن سليمان عباس:
طغى الشأن المادي على كل نواحي حياتنا وربما عدونا نلهث وراء ما ليس لنا.. لا ننكر أننا نعيش أوضاعاً صعبة ونعبر ضائقة مادية ولكن هل يبرر هذا لنا ما نقوم به؟.
لقد تحول كل شيء إلى سلعة.. هل تذكرون كروم التين والعنب قرب الدروب وكيف يوزع أصحابها على المارة منها.. ويقولون كل شجرة ليس فيها شيء لله تيبس.. لماذا تركنا قيم الآباء والأجداد وقد مروا بضوائق ما نمر به مقارنة بها ليس إلا مزحة عابرة ومع ذلك ظلوا محافظين على الألفة والإنسانية والعطاء.
لا يتذوق أحدهم فواكه كرمه قبل أن يكون للجار منها نصيب.. هذا أمر عشناه حتى فترة قريبة.
فلماذا غادرنا كروم الآباء… لماذا حرمنا التين والعنب والزيتون وغيرها من سمة الكرم.
اليوم في ظل ما يجري وهو مؤلم ومؤسف ولا بد من مراجعة للذات من قبل الجميع في ظل هكذا وضع ربما تكون رائعة إيليا أبو ماضي التينة الحمقاء خير ما يوقظنا.
لا بد من العودة إلى إنسانيتنا إلى نبلنا، دعونا نزيل صدأ الطمع والجشع من قلوبنا بالرحمة، نعيش القادم وإلا فاليباس فينا وفي الشجر والبساتين هو المصير.. يقول الحكيم أبو ماضي وكأنه يقرأ يومنا على لسان شجرة التين:
وَتينَةٍ غَضَّةِ الأَفنانِ باسِقَةٍ
قالَت لِأَترابِها وَالصَيفُ يَحتَضِرُ
بِئسَ القَضاءُ الَّذي في الأَرضِ أَوجَدَني
عِندي الجَمال وَغَيري عِندَهُ النَظَرُ
لَأَحبِسَنَّ عَلى نَفسي عَوارِفَها
فَلا يَبينُ لَها في غَيرِها أَثَرُ
كَم ذا أُكَلِّفُ نَفسي فَوقَ طاقَتِها
وَلَيسَ لي بَل لِغَيري الفَيء وَالثَمَرُ
لِذي الجَناح وَذي الأَظفارِ بي وَطَرٌ
وَلَيسَ في العَيشِ لي فيما أَرى وَطَرُ
إِنّي مُفَصِلَةٌ ظِلّي عَلى جَسَدي
فَلا يَكونُ بِهِ طول وَلا قِصَرُ
وَلَستُ مُثمِرَةً إِلّا عَلى ثِقَةٍ
إِن لَيسَ يَطرُقُني طَير وَلا بَشَرُ
عادَ الرَبيعُ إِلى الدُنيا بِمَوكِبِهِ
فَاِزَّينَت وَاِكتَسَت بِالسُندُس وَالشَجَرُ
وَظَلَّتِ التينَةُ الحَمقاءُ عارِيَةً
كَأَنَّها وَتَدٌ في الأَرضِ أَو حَجَرُ
وَلَم يُطِق صاحِبُ البُستانِ رُؤيَتَها
فَاِجتَثَّها فَهَوَت في النارِ تَستَعِرُ
مَن لَيسَ يَسخو بِما تَسخو الحَياةُ بِهِ
فَإِنَّهُ أَحمَقٌ بِالحِرصِ يَنتَحِرُ