لا شيء في هذا الكون ثابت إلا فكرة الثابت نفسه.. كل شيء يتغير ويحمل في تكوينه وجيناته بذور النمو والتغيير قد تكون إيجابية أو سلبية لكنها موجودة.
من هنا علينا أن نفهم مثلاً أن مفردات اللغة تغير معانيها وقد تنتقل من معنى إيجابي إلى معنى سلبي ..مثل كلمة تقاعس فالمعنى الأول لها إيجابي بمعنى الرفعة لكنها الآن تعنى أمراً آخر..
وكذلك كلمة استهتر التي كانت تعني الشغف بالشيء والآن ذهبت إلى معنى آخر..
وبكل الأحوال إذا ما سحبنا الأمر على الكثير من المهن والوقائع في الحياة فسنجد انزياحات كثيرة بعضها حمل جماليات مهمة وأثرت المشهد وبعضها الآخر كان على العكس تماماً.
ولكن علينا أن نعترف مثلاً أن ضربات الحداد الذي يصنع سيفاً أو يطرق على آنية نحاسية غير طرقات أو نقرات صائغ الذهب ولا يمكن لقبضة الحداد إذا ما كلف بالطرق على معدن نفيس أن تبقى بالقوة نفسها..
وفي عالم الصحافة والإعلام يبدو الانزياح اليوم قد وصل مداه الأقصى وبلغ السيل الزبى كما يقال …لاسيما مع كل المغريات التقنية وقدرة الوصول إلى مكان آخر اسمه القضاء وكم كان السيد وزير الإعلام الدكتور بطرس الحلاق دقيقاً حين قال عن هذا الفضاء بما معناه …متحدثاً عن صفحات التواصل الاجتماعي…يكتبون بفضاء ليس ملكهم وهو فضاء له صفة الزوال السريع.
نعم تكتب بفضاء ليس ملكك يعني أن انزياحك مهما كان هو ذرة غبار تنتظر أي نسمة لتذروها فكيف بالعاصفة.
أما عن الإعلام الذي نراه اليوم في العالم كله ينزاح ليكون صانعاً للحدث وموجهاً له..هو سلاح الفتك الشامل يستخدم كل الإنجازات العلمية تقنية أم طبية أم نفسية للوصول إلى القدرة على تحقيق رسالة الممول.
إلا نحن مازلنا نسعى لتحقيق رسالة ليس ممول إعلامنا إنما رسالة من يغزونا ..نتلقف مصطلحاته التي هي وليدة مجتمعه وقد يتركها هو بعد ساعات من ولادتها أو حين يتأكد أنها حققت الغاية ..ننخطف إليها نشدها إلينا دون تمحيص ودراية..
لسنا بمعزل عن التواصل والتفاعل ولكن علينا أن نملك بصيرة الفحص والشك مهما كان المصطلح القادم…
ما يجري من تهويمات نراها في الإعلام العربي ..بعضه…ليس إلا انسلاخاً عن مهمة حقيقية يجب ألا تغيب عنا ولهذا حديث طويل.
معاً على الطريق .. ديب علي حسن ..