تحدثنا سابقاً عن ضعف التنسيق بين الفريق المعني بخط السياسة الاقتصادية في الوضع الراهن ومدى انعكاس هذا الأمر على الواقع المعيشي للمواطن خاصة مع غياب الشفافية واستمرار اتخاذ القرارات المصيرية في جنح الظلام ليفاجىء فيها الجميع دون تمهيد وشرح وافٍ حول أسبابه الموجبة…
اليوم البعض يتحدث عن غياب شبه كامل لهذا التنسيق فمن يتابع مخرجات اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء يلاحظ أنها تحولت لخازن لبيت المال لتقرر مجالات الصرف بالنسبة للمشاريع المزمع تنفيذها، أما بالنسبة للقرارات المصيرية فهي تناقش بعيداً عن الضوء والإعلام كما تناقش بعيداً عن آثارها المعيشية والاجتماعية على المواطن دون اللجوء للجهات البحثية والأكاديمية القادرة على تحديد أثرها بدقة على الواقع المعيشي وأيضاً دون تمهيد وشرح وافٍ للأسباب الموجبة لاتخاذها..
الأيام القليلة الماضية شهدت اتخاذ مجموعة من القرارات التي تضمنت رفع أسعار وبدلات خدمات أساسية تصب في صميم الحياة المعيشية بدءاً من أسطوانة الغاز ومروراً بسعر المازوت للصناعيين وليس انتهاء بشرائح الكهرباء لنجد أن الزيادة بدأت بخمسين في المئة على بعض السلع لتنتهي بأكثر من ٢٠٠ في المئة بالنسبة لأخرى مما ينذر بارتفاع كبير في أسعار كل شيء دون التطرق لأي نية أو تحرك لزيادة الأجور والرواتب..
التبرير الوحيد الذي سمعناه تقدم فيه السيد وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك من خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده يوم أمس في مبنى وزارة الإعلام في خطوة شجاعة ليتحدث بصراحة وشفافية متحملاً المسؤولية وحده عن قرار ليس هو المعني الوحيد في اتخاذه ليتطرق أيضاً إلى آلية ستتخذ مستقبلاً للتعامل مع آلية الدعم من خلال استثناء شرائح محددة من الدعم وتحويلها لشرائح أخرى تستحقه أكثر..
وعن موضوع الدعم أشار الوزير إلى أن هناك مسعى لاستبعاد من لا يستحق الدعم، وهذا ليس توفيراً لخزينة الدولة بل سينعكس على الشرائح المستحقة له والحكومة ستبقى تدعم كل من يستحق وقرارها هو ألا يحرم أي مواطن مستحق من الدعم لافتاً إلى أن من يستبعد من الدعم لن يترك دون خبز أو غاز وغير ذلك بل ستؤمن له المواد بالسعر الحر مشيراً أنه بالنسبة لاستبعاد المساهمين في سوق الأوراق المالية، سيستبعد فقط كبار المساهمين الذين يملكون أكثر من ٥% من أسهم الشركات.
وبين أن الحكومة لا تسعى إطلاقاً إلى الرفع التدريجي للدعم إنما هناك أمر كان واضحاً حيث أن هناك فئات لا تحتاج إلى الدعم ولسنا ضدها على الإطلاق ولكن تاجر أو مدير مصرف خاص لا يحتاج إلى هذا الدعم.
المشكلة اليوم وحسب رأي الخبراء الاقتصاديين.. تتمثل في غياب الخطط والبرامج للمرحلة الحالية والقادمة فالقرارات تتخذ كرد فعل وحسب المعطيات اللحظية بينما المفترض أن يمتلك الفريق الاقتصادي خطة استراتيجية لسنوات قادمة تبقى ثابتة حتى لو تغيرت الأسماء والأشخاص…
على الملأ – باسل معلا