قد لا يكون هناك ما هو أقبح وأبشع من عنصري متطرف حين يقف على منبر دولي ليقدم كيانه المغتصب منقذاً للبشرية من التغيّرات المناخية، وهو الذي لا يكف لحظة واحدة عن ارتكاب الجرائم بحق الإنسانية وشن الاعتداءات على الدول الأخرى وتهديد أمنها واستقرارها، ومصادرة حقوق الشعوب الأصلية بذرائع باطلة مبنية على أوهام تاريخية من صنع خياله المريض.
هذا هو حال رئيس حكومة الكيان الصهيوني (نفتالي بينيت) حين ألقى خطابه أمام مؤتمر المناخ بغلاسكو، فقد جاءت عباراته مليئة بالاستعلاء والغطرسة والعنصرية وهو يتحدث عن “إبداع” العقل اليهودي وحاجة العالم إلى “إسرائيل” كي تنقذ كوكب الأرض من الانبعاث الحراري والتغيّرات المناخية، وكان الأولى به أن يدفن رأسه في الرمل كالنعامة وكيانه يخبئ مئات الرؤوس النووية المعدّة للإطلاق بما يهدد أمن المنطقة والعالم، في الوقت الذي يحتل فيه أراضي الغير ويقيم فيها المستوطنات غير الشرعية، بينما تمتلئ سجونه ومعتقلاته بآلاف المناضلين الفلسطينيين المطالبين بالحرية، حيث يواجهون فيها كلّ أشكال العنصرية والقمع والابارتيد الذي جاء بها الصهاينة إلى أرض فلسطين.
إن أول ما يجب أن يسأل عنه هذا الإرهابي المتطرف، هو “الابداع” المنقطع النظير الذي يقوم به مستوطنوه وهم يقتلعون ويحرقون أشجار الزيتون في حقول الفلسطينيين كي يبنوا بدلاً منها جزرهم الاستيطانية المخالفة للقانون الدولي، فعن أي عقل “يهودي” يتحدث هذا المأفون وهذا العقل مكرس في إسرائيل لصناعة الإرهاب وشن العدوان وتدنيس المقدّسات وسرقة الأرض وقتل الشعب الفلسطيني وتشريده من أرضه..؟!
فإسرائيل لمن نسي أو تناسى تعتبر أكبر تهديد للسلام العالمي من وجهة نظر مواطني دول الاتحاد الأوروبي، إذ أظهرت نتائج استطلاع أجري في العام 2003 أن 59% من مواطني دول الاتحاد الأوروبي يرون في إسرائيل أكبر تهديد للسلم العالمي، وهو ما أثار ضجة في أوروبا حينها، ما اضطر قادتها لإلغاء مثل هذه الاستطلاعات.
وأما في قضية المناخ فإن “إسرائيل” تعتبر من أوائل الجهات المساهمة بتهديد المناخ، ففي العام 2019 بلغ نصيب الفرد الواحد فيها من إنتاج العوادم الكربونية ما مجموعه 8,9 أطنان ، وهذا أعلى بنسبة 82% من النسبة العالمية، كما أظهرت التقارير كذلك أن إنتاج “إسرائيل” من الطاقة المتجددة لم يتجاوز نسبة 6% حتى الآن.
إن أي منتقد لجرائم الكيان الصهيوني اليوم سيتهم سلفاً بمعاداة السامية وسيلاحق قضائياً، وربما يتعرض للاغتيال، لأن أصحاب النزعة الصهيونية المتطرفة يعتبرون أنفسهم بمنزلة أرفع من البشر، ولا يجوز لومهم أو انتقادهم بأي حال من الأحوال مهما أجرموا، فهل يمكن للبشرية أن تثق بأن الخير قد يأتي منهم..؟!
البقعة الساخنة -عبد الحليم سعود