تزداد الحياة قتامة وبؤساً من دون كهرباء، لأن كل ما يحتاجه الإنسان في استعمالاته اليومية من الإنارة إلى الغسيل والاستحمام وكي للملابس وغيرها من الوسائل الضرورية للحياة تعمل على الكهرباء.
لقد حالت ساعات التقنين الطويلة وغير المنتظمة أو بمعنى أدق انعدام الكهرباء، دون امتلاء خزانات المياه عند الكثير من الناس، إضافة إلى عدم القدرة على تسخين المياه من أجل الاستحمام وغيرها من الاستعمالات في ظل غياب بدائل الطاقة الأخرى من مازوت وغاز وحطب وغيرها، ما يشكل عبئاً حياتياً إضافياً على حياة هذا المواطن.
وكيف لطلاب المدارس والجامعات أن يتموا واجباتهم الدرسية ويحضروا لامتحاناتهم في المنزل ؟، في ظل هذا الواقع الكهربائي الكارثي، والذي بدأت أثاره بالظهور على طلابنا من خلال الأذيات في الرؤية، وحالات التوتر النفسي.
ولم تقتصر أضرار شبه انعدام الكهرباء على كل مناحي حياة المواطنين فحسب، بل عطلت الصناعة والزراعة والأسواق التجارية وأضرت بالقطاع الصحي والخدمي والسياحي.
طبعاً الريف والمحافظات البعيدة لها الحصة الأكبر من غياب الكهرباء، والذي قد يمتد لأكثر من عشرين ساعة يومياً، وقد يمتد أياماً وأسابيع في بعض المناطق من دون كهرباء، ولم تعد البدائل عن الكهرباء، كالبطاريات ونحوها تجدي نفعاً لتعذر شحنها بشكل كامل، ولغلاء أسعارها بشكل كبير، وسوء تصنيعها، لذلك بدات الأمبيرات وألواح الطاقة الشمسية كحل بديل آخر تغزوا المحافظات. أي استنزاف جديد لجيب هذا المواطن المستنزف أصلاً بالغلاء والوباء.
يبدو أن حل مشكلة الكهرباء لن ترى النور قريباً على الرغم من جميع القرارات التي صدرت مؤخراً لحلها من رفع تعرفة استهلاك الكهرباء إلى ما يقارب 800% للمواطن إلى التعديل الذي أجرته وزارة الكهرباء على قرار إعفاء الصناعيين من التقنين الكهربائي، حيث أصبحت التعرفة الجديدة 300 ليرة للكيلو واط الساعي، بدلاً من 42 ليرة للكيلو واط الساعي الى السماح بشراء الكهرباء المنتجة من مشاريع الطاقات المتجددة، لأن هذه القرارات وخاصة السماح بشراء الكهرباء من القطاع الخاص يعني في نهاية المطاف أن الشركات المستثمرة في هذا القطاع ستصبح المتحكمة بإنتاج الطاقة الكهربائية، من الإنتاج إلى التوزيع والنقل والتحكم بسعر المبيع، وربما الجباية آخراً، وشركات الاتصالات الخلوية أكبر دليل على ما نقول، والتي باتت تقاسم قطاع الاتصالات، ليذهب الجزء الأكبر من أرباحها في جيوب المستثمرين، وعلى حساب المستفيدين من خدماته.
إن رفع الجهات المعنية يدها عن حل مشكلة الكهرباء وتوكيل هذا الحل لتجار الأمبيرات وشركات الطاقة المتجددة لن تحل المشكلة بل ستزيدها تعقيداً، والحل فقط يكون بتأسيس محطات حكومية إضافية تسد العجز بالإنتاج، ولكن يبدو أن الجهات المعنية ماضية في سياسة تخفيض الدعم بأشكاله المتعددة، بدءاً من الغاز إلى المحروقات فالمواد التموينية وحتى الكهرباء، دون وجود خطط بديلة واضحة، تنتشل المواطنين من براثن الفقر.
عين المجتمع-ياسر حمزة