لم يكن فيلماً اعتيادياً ما قدم بالأمس في دار الأسد للثقافة والفنون، ولم يكن سيرة ذاتية لأحد المناضلين ضد الاحتلال في فلسطين فقط، بل حمل فيلم “المطران” دلالات ومعانٍ كبيرة تتلخص في أهمية الوقوف عند تلك الشخصيات الوطنية المؤثرة وتكريسها في أذهان الأجيال وعقولهم، فهذه الرموز الخالدة تمنحهم الشعور بالفخر والاعتزاز والولاء للوطن الذي ما بخل أبناؤه في تقديم كل غالٍ من أجل نصرته والحفاظ عليه حراً مستقلاً.
فالوقوف عند الرموز الوطنية وتسليط الضوء عليها هو من معايير تقدم الدول وتحضرها، والاحتفاء بهم يجسد حالة من الوفاء للوطن ولكل من قدم إبداعات وإنجازات شكلت علامة فارقة في المجتمع، والتكريم أيضا في مكانته الكبيرة لا شك يساهم في ترسيخ تقييم رموز الوطن، سواء على صعيد العلوم والاختراعات أم في الآداب والفنون، والأهم رموزنا الوطنية التي تقف في الصفوف الأولى في مواجهة العدوان.
واليوم ونحن على أعتاب عام جديد نرجوا أن يكون عام خير وسلام على الجميع، لابد من وقفة نستذكر فيها من فقدنا من المبدعين وكان آخرهم الشاعر المقاوم خالد أبو خالد، ونخصص لهم فسحة في نهج التكريم الذي ينتهجه غير منبر ثقافي سواء في وزارة الثقافة أو اتحاد الكتاب العرب، وتسليط الضوء على سيرهم الذاتية وليكن في رحاب الجامعات والمدارس، وأن يخصص لهم صفحات في المناهج الدراسية، فهم الشخصيات الملهمة للأجيال وتستحق أن نفخر ونعتز بمسيرتها ونحذو حذوها.
ولا يختلف اثنان أن التكريم في حياة المبدع هو الأكثر تأثيراً، ليس على المبدع وحسب بل على أسرته والمجتمع كلّه، وهذا ما يؤكد في كل مرة تكريسا للقدوة والرمز، ورسالة تشجع الأجيال الشابة التي ستشعر بالفخر بوطنها الذي يكرم المبدعين، الأمر الذي سيدفعهم إلى التفاني من أجل ازدهار الوطن الذي لا ينسى صناع ورموز نهضته وتطوره.
فإن كان الموت قد غيب الكثير من رموزنا الوطنية جسداً، لكنهم سيبقون خالدين في وجداننا، وسيبقى إرثهم شموعاً تضيء مسيرة المستقبل في القادم من الأيام.
رؤية – فاتن أحمد دعبول