عندما نجد أنفسنا أمام نهاية عام أو بداية عام جديد يبدو لنا وكأن حلول أي منهما جاء على غير موعد، لا بل نسأل أنفسنا: هل انتهت السنة بهذه السرعة؟ ولسان حالنا يقول: ما الذي كان وما الذي سيكون؟
وكعادتنا نحاول أن تكون نهايات الأعوام للمراجعة، إما استعراض ما تم أو الوقوف عند بعض المحطات والمواقف لإبراز الإيجابي فقط، لأننا من القوم الذي يتحدث عن الكأس الذي نصفه فارغ والنصف الآخر ملآن لكن لا يشاهد إلا النصف الذي يريده ويشتهيه.
مثل هذه الأنماط في التفكير والعادات الذهنية تلعب دورها المؤثر على منطقية الآراء والقضايا كما هو الحال بالنسبة لنزعة التسرع في الأحكام المتسرعة، حتى غدا البعض على استعداد للحكم والبت في قضايا وأمور بالغة الحساسية تقتضي المزيد من الاطلاع والتريث وتستدعي وقوفاً طويلاً أمام جوانب الموضوع وشموله، فمن الصورة الجزئية أحيانا نحكم قبل التثبت ومن نبأ فاسق نلقي بآرائنا جزافاً ونحن لم نطلع بعد على باقي الجوانب ولا نحاول أن نرسخ في عادات تفكيرنا ليرتكز على العمق وسعة الاطلاع قبل أن نلقي بالأحكام السريعة حتى ولو كانت مجرد كلام.
اليوم ثمة تساؤلات ترتسم على شفاه الكثيرين: ما الذي تغير في سلوك الناس ومشاعرهم؟ كيف أثرت الأزمة على العلاقات الاجتماعية ولماذا أصبحت هذه العلاقات باردة باهتة؟ والسؤال الكبير هو: كيف يمكن للإنسان أن يحتفظ بتوازنه الفكري والنفسي في هذه البيئة الجديدة، ومن غير المجدي أن نخدع أنفسنا ففي داخلنا تشاؤم لا يطاق وقلق له مبرراته، لكن مشكلتنا أن بعضنا يتحدث ويشكو من أزمات وأخطاء وتجاوزات وهو يساهم في إنتاجها.
الكنز -يونس خلف