لم تكن السينما يوماً خارج رحم الحياة الزاخرة بما ينتجه ويقدمه الإنسان، ففي مسيرة السينما السورية تستوقفك المحطات التي احتفت بالإنسان والمجتمع فكانت مرآته في آماله وآلامه وأفراحه.
اليوم ثمة من يقول: إن السينما السورية لاتزال في إطار الأمنيات، وإن قرار النهوض بها لتحجز مكاناً لها على قائمة السينما العربية لايزال متأخراً … لكننا في المقابل نقول: إنها خلال سني الحرب على سورية كانت الأكثر حضوراً وجماهيرية لا بل أصبحت من أساسيات حياتنا كفن … والدليل إنتاج العشرات من الأفلام على اختلاف مستوياتها (الفنية) التي جسدت الواقع وانتصارات رجال الجيش العربي السوري وصمود السوريين على مختلف الجغرافيا السورية … فكان على سبيل المثال فيلم (ملحمة رد القضاء – الأب – المطران – الرحلة 17 ..الخ) .
لاشك في أن عودة الألق والروح إلى السينما محلياً وحتى عربياً ليست أمراً سهلاً فهي تحتاج إلى جهود كبيرة ودعم مادي ومعنوي، فالأزمة موجودة وأسبابها كثيرة لكن ثمة صنّاعاً سوريين سواء كانوا مخرجين أو فنيين أو فنانين تحدوا الظروف بإنتاج وعرض أعمالهم في أصعب الظروف وأحلكها ليثبتوا أن ثقافة الحياة ستبقى ساطعة كما الشمس، وليوثقوا تاريخاً مشرفاً صنعوه بأياديهم المقدسة فكان بحق راسخاً وخالداً أبد الدهر.
نعم، تستمر السينما السورية بنهجها، ففي الأمس القريب كان عرض فيلم المطران كبوجي في دار الأسد بدمشق الذي يصوّر محطة من محطات الخلود والكبرياء لرجل دين سوري عبّد الأرض بنضاله ووطنيته المعهودة وقد ترجم للغات عديدة ليتم عرضه في العديد من الدول.
لا ندعي أننا في أحسن حال لكننا مؤمنون بأننا الأقدر على اجتراح المعجزات وأن لدينا الكثير من القدرات والمواهب والإمكانيات، بالإضافة إلى دعم الجهات المعنية الذي يجعلنا أكثر تفاؤلاً .. فما نراه هو استثمار ثقافي هام ولا بدّ منه اليوم وغداً.
إن ماقدمه المبدعون السوريون يجب أن يبقى ركيزة أساسية ووثيقة مهمة للأيام القادمة التي ستنهض بالفنون كافة، لأن سورية المنيعة بشعبها وتراثها وإنسانيتها ماضية في رسالتها التي ستبقى مزدهرة، رصيدها هو العطاء والتقدم والبناء وإيمانها المطلق هو الشعب والإنسان والحياة.
رؤية – عمار النعمة