الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
كشف تقرير لمجلة نيويورك تايمز على صفحتها الأولى يوم الأحد 2 كانون الثاني عن تفاصيل مروعة للاستهداف المنهجي للشعوب في الأراضي التي أعلنتها واشنطن ساحة معركة لحربها المفبركة على الإرهاب.
في الواقع، كانت “الحرب على الإرهاب” جهوداً محسوبة لتعزيز مكانة الولايات المتحدة باعتبارها الدولة الإمبريالية المهيمنة في العالم، فقد أصبح استخدام الطائرات بدون طيار سلاحاً رئيسياً في ترسانة حرب البنتاغون، حيث إن استخدام هذه الذخائر بعيدة المدى يقلل من الخسائر الأمريكية، وكلما قل عدد الإصابات والوفيات التي أبلغت عنها الشركات ووسائل الإعلام التي تسيطر عليها الحكومة الغربية، كلما حاول البنتاغون ومنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) حشد الدعم للأعمال العسكرية العدوانية ضد “أعدائهم” المُتصورين.
وفي تبريره لاستخدام حرب الطائرات بدون طيار، يواصل البنتاغون وحلفاؤه القول إن المدنيين من غير “الإرهابيين” لا يُصابون أو يُقتلون أبداً، ومع ذلك، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في السنوات السابقة، المعلومات التي كشفت عنها ويكيليكس حول جرائم حرب الإبادة الجماعية هذه ليراها العالم.
مع الانسحاب من أفغانستان في آب 2021 ورفض الخروج الكامل من العراق وسورية، يبحث البيت الأبيض والبنتاغون ووزارة الخارجية عن طرق إضافية لتأكيد قوة أميركا العسكرية والاقتصادية وسط تغير سريع للوضع الدولي، وتصاعد التوترات بين واشنطن وحكومات كل من بكين وموسكو وطهران.
ومن الواضح أن إدارة بايدن فقدت نفوذها في جميع أنحاء العالم، وأصدرت تهديدات ضد بكين وموسكو، حيث اتهمت الصين بالتخطيط لاستعادة تايوان، وروسيا بالتمركز عسكرياً من أجل التدخل في أوكرانيا المجاورة، وطبعاً هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة. كما أن عقد “قمة الديمقراطية” مع تجاهل الدول الكبيرة والمهمة مثل روسيا والصين وإيران وفنزويلا وغيرها، لن يؤدي إلا إلى تأجيج التوترات الدولية.
وفي مقال في مجلة نيويورك تايمز بقلم عزمت خان، يقول: “حصلت التايمز على أكثر من 1300 تقييم سري من البنتاغون بشأن سقوط ضحايا مدنيين في الحرب الجوية بقيادة واشنطن في الشرق الأوسط، بين أيلول 2014 وكانون الثاني 2018 ، في ذروة الحرب المزعومة ضد”داعش”، واستناداً إلى هذه الوثائق، ذكرت صحيفة التايمز مؤخراً وجود أنماط استخباراتية فاشلة واتخاذ قرارات وتنفيذ عمليات إعدام وراء هذه الضربات الجوية القاتلة.
على الرغم من أن هذه الوثائق لا تغطي سوى فترة أربع سنوات خلال الحرب “ضد داعش” في العراق وشمال سورية، إلا أن هجمات الطائرات بدون طيار وغيرها من الهجمات بالقنابل المستهدفة على الأشخاص داخل هذين البلدين والدول المجاورة مثل اليمن، كانت في الحقيقة منذ التدخل الأمريكي في أفغانستان بعد عام 2001 وحتى قبل غزو أفغانستان كان استخدام الاغتيالات المستهدفة من خلال التفجيرات ممارسة معتادة للإمبريالية الأمريكية وحلفائها.
وفي الوقت نفسه، فإن مجرد وجود القاعدة وداعش وتصنيفهما كمنظمات إرهابية يوفر الأساس “المنطقي” لاستمرار نشر القوات العسكرية الأمريكية وشن هجمات بطائرات من دون طيار.
ومن أشهر الأشخاص الذين كشفوا عن هذه الأعمال الإجرامية جوليان أسانج من ويكيليكس، وإدوارد سنودن، وهو متعاقد خاص مع وزارة الأمن الداخلي (DHS) وتشيلسي مانينغ، وهو جندي سابق متهم بمشاركة أسرار عسكرية مع ويكيليكس.
وقد نُفي سنودن إلى روسيا، وحوكم مانينغ عسكرياً بموجب قانون التجسس وقضى سبع سنوات في السجون العسكرية الأمريكية، بينما يواجه أسانج محاولات تسليمه إلى الولايات المتحدة لمحاكمته.
لا توجد طريقة يمكن من خلالها أن يحصل أسانج على محاكمة عادلة في الولايات المتحدة لأن كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري متورطين في جرائم الحرب هذه التي كشف عنها موقع ويكيليكس.
إن الحجة القائلة بأن الكشف عن جرائم الحرب تودي بحياة الناس هي حجة سخيفة، فلم يكن أسانج هو من نفذ هجمات بطائرات من دون طيار وعمليات قصف أخرى ضد مدنيين وصحفيين أبرياء. لقد أزهق البنتاغون هذه الأرواح بناءً على مخططات إمبريالية للسيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي في وسط وجنوب وغرب آسيا وإفريقيا. إن طائرات البنتاغون الحربية التي يديرها مسؤولون عسكريون رفيعو المستوى وعناصر استخبارات وسياسيون هي التي قتلت وشوهت الملايين خلال العقود الثلاثة الماضية.
وبالإضافة إلى عمليات القتل الجماعي، نزح عشرات الملايين داخلياً وتحولوا إلى لاجئين، وبالتالي فإن المؤسسات السياسية والاقتصادية والعسكرية للولايات المتحدة ودول الناتو هي التي تتطلب المقاضاة والسجن من أجل تحقيق العدالة في العالم.
المصدر: Global Research