الثورة – هناء دويري:
وثّقت الهيئة العامة السورية للكتاب ضمن خطة إحياء التراث العربي ونشره لأيقونة وعماد المسرح أحمد أبو خليل القباني وأعماله التي حفرت اسمه في التاريخ المسرحي العربي الإبداعي، ورغم تعدّد كتب الباحثين والدارسين والمحققين في التدوين عن القباني، يبقى تحقيق وتصحيح ودراسة القباني للباحث والكاتب والملحن والمخرج المسرحي “محمد بري عواني” مرجعا أساسيا ووثائقيا لأعمال القباني والذي حمل عنوان (مسرحيات أبي خليل القباني) بما يقارب الألف صفحة من إصدارات وزارة الثقافة،.
يتميّز هذا الكتاب المرجعيّ بوفرة الوثائق والمصادر والمراجع التي اعتمد عليها الباحث وبالتالي المصداقية في كلّ ماتمّ تدوينه، حيث ذكر عدد عروض كلّ نص مسرحي للقباني وأمكنة وأزمنة تلك العروض خدمة للقارئ والباحث والفنان ورتّبها بتسلسل بدءا مما قام القباني بعرضه في دمشق أيام الواليين “صبحي باشا” و”مدحت باشا” بدءا بمسرحية “ناكر الجميل” عام ١٨٧١، قبل أن ينتقل القباني إلى مصر ويبدأ رحلته من الإسكندرية بعروضه المسرحية والتي استمرت إلى يوم احترق مسرحه في القاهرة بتاريخ ١٨ أيار عام ١٩٠٠ ليعود بعدها إلى دمشق منكوبا ويموت فيها بالطاعون عام ١٩٠٣
كان القباني موسوعة شعرية عظيمة نهلت من جميع عصور التاريخ الشعري العربي دون استثناء، وفي الكتاب توثيق للأشعار في نصوص القباني ويردّها الباحث إلى أصحابها ومكانها، كما يذكر المصادر الأدبية وكتب التراجم والوفيات، ويردّ الموشحات أيضا إلى أصلها…
خمس وعشرون عاما بين دمشق والقاهرة يوثّقها الكتاب ويوثّق أعمال القباني ومصادر ثقافته ومراجعه المعرفية والثقافية الواسعة والتي تجلّت في نصوص أعماله المسرحية، فكان موسوعة في التاريخ العربي الإسلامي، والأجنبي، والتراث الحكائي العربي الشعبي الشفوي والمكتوب مثل (ألف ليلة وليلة، سيرة عنترة، سيرة حمزة المحتال) وغيرها إضافة للقرآن الكريم والموشحات والأزجال والألحان الغنائية التراثية
أمّا موضوعات القباني المسرحية فقد تلخّصت بالحبّ والعشق وموضوع الصداقة وموضوع السلطة السياسية باحثا في تلك الموضوعات عن علاقة الاحترام والتقدير بين الرجل والمرأة، وعن الوفاء والصدق والأمانة والشرف والنبل بين الصديق وصديقه، وباحثا أيضا عن تحقيق العدل والمساواة بين الراعي ورعيته، ويبقى موضوع الحبّ منتصرا في كلّ النصوص.
يتضمن الكتاب الموسوعة أيضا نصوص مسرحيات القباني مدقّقة ومصحّحة ومنقحة وفيها حواش للمصادر وشروحات وافية للقارئ والدارس ولكلّ المهتمين بالمسرح، ومن تلك النصوص المسرحية نذكر :
– ناكر الجميل.
– رواية هارون الرشيدي مع أنس الجليس.
– رواية عنتر (ابن شداد).
– رواية هارون الرشيد مع الأمير غانم بن أيوب وقوت القلوب.
– رواية عفيفة.
– رواية لباب الغرام أو الملك متريدات.
– رواية حِيَل النساء (الشهيرة بلُوسيا).
ميزة القباني الإبداعية تكمن في توليف جميع المقبوسات في نصوص مسرحية لقيت رواجا جماهيريا وأدبيا وفنيا ونقديا… وإبداعاته تؤكّد ريادته ونبل جهوده التنويرية ورهافة روحه ومشاعره.
التالي