الثورة – هفاف ميهوب:
مثلما كان الشاعر الهندي “طاغور” سخيّاً في رسائله الشعريّة والفكريّة، كان سخيّاً في رسائله الأدبية والفنية.. تلك الرسائل الحكيمة في فلسفتها القائمة على محبة الإنسان وسلامه وإنسانيّته، والتي قال الكاتب والمترجم “بديع حقي” عن المسرحية منها، وفي تقديمه لكتاب “طاغور” ـ “روائع في الشعر والمسرح”:
“لقد ترادفت مسرحيات طاغور، تخطر فيها الصور والرموز والأفكار، مسربلة بنبضاتِ قلبه، فأتت كلّ مسرحية تحمل جانباً من رسائله الفكرية والإنسانية، وبطريقةٍ تتآلف فيها الحكمة والأفكار الفلسفية، كما تتآلف قطرات الندى على زهرةٍ، فتجد إلى جانب الصورة الساحرة، حكمة بليغة وفكرة بعيدة الدلالة.. هذا ما نجده في مسرحية “دورة الربيع”، أما ما نجده في مسرحية “مكتب البريد”، فترافق حوارها مع دفءٍ إنسانيّ عذبٍ ومعبّر، حيث الطفل الصغير الذي أقعده المرض، قد اتّخذ مجلسه أمام النافذة، ينتظر في أملٍ متّصل، رسالة من الملك.. الرسالة لا تأتي، والطفل مدنف، وأخيراً يمثلُ الملك نفسه أمام الطفل، فتتسامى روحه مطمئنّة سعيدة..”..
هذا مايقوله “حقي” عن سخاء الحكمة الفلسفية في مسرحيات “طاغور”، وهو ما يلتمسه كلّ من يقرأ في كتاب هذا الحكيم الذي نجده يقول:
“إن في وجودي حياة تهتف، في الفرح والحرن.. في العمل والراحة.. في الحياة والموت.. في الانتصار والاندحار.. في هذه الدنيا، وفي الآخرة.. كلّ شيءٍ يهتف: “إنني موجود”..
يسعى “طاغور” هنا، لتبيان أهمية الفلسفة، في جعل مسرحياته مثالاً يُحتذى به، بل وللإشارة إلى أن الأهم في المسرح، ليس الجمع والتكديس، وإنما إيجاد من أسماهم “جيل النور” أو “أطفال النور”.. وهم من أرادهم جمهور مسرحه، وربيع الحياة حوله وفي عالمه..
هذا عمن أرادهم جمهوره، أما عن الزينة المسرحية، فوجد أن المغالاة فيها تزييف للحقائق، حتى إنه كان يرى بأن لا أهمية للستارة المسرحية، لطالما كان “الذهن هو ستارتنا الخلفية”..