الثورة – بشرى سليمان:
لاتكتمل أركان المنظومة التربوية إلا بوجود صمام أمانٍ، وصلة وصلٍ بين الطالب والمعلم والأهل والإدارة، إنه المرشد التربوي في المدرسة، الذي يعمل على تجاوز العقبات وتيسير الأمور بين أطراف العملية التربوية لإنشاء جيلٍ ناضجٍ نفسياً وتربوياً على الرغم من قسوة الظروف التي تعيشها معظم الأسر السورية، إلا أن عمل المرشد يصطدم بنظرةٍ مجتمعيةٍ وواقعٍ أليم قد يصل لحد التهميش، وهنا تكمن الخطورة.
للحديث عن الإرشاد المدرسي وآلية عمله، والعقبات التي تواجهه ، التقت صحيفة الثورة المرشدتان النفسيتان: رهف جباعي، و رزان يوسف من مدرسة الباسل للمتفوقين في البرامكة.
وفي هذا السياق ترى جباعي أن أهمية وجود المرشد التربوي في المؤسسة التعليمية، تأتي من خلال تحقيق مجموعة من الأهداف التي تضعها وزارة التربية ضمن أولوياتها، تبدأ بمساعدة الطلاب على تحقيق ذاتهم والوصول إلى أقصى درجة ممكنة من فهم الذات وتطوير صورة إيجابية عنها.
كما يساعد الطلبة على التعريف بقدراتهم وميولهم وإكسابهم مهارات حياتية واجتماعية، وكذلك العمل على تحسين العملية التربوية من خلال إثارة الدافعية نحو التحصيل الدراسي ومراعاة الفروق الفردية بين الطلبة وتوجيههم للأساليب والعادات الدراسية الصحيحة.
أي إننا باختصار نساعد الطلاب على اختلاف مستوياتهم على مواجهة المشكلات السلوكية، والاجتماعية، والأزمات النفسية، التي تؤثر سلباً على تحصيلهم الدراسي، والتغلب عليها بالاعتماد على أننا صلة الوصل بينهم وبين الأسرة والكادر المدرسي، فنعمل على إجراء لقاءات ودية متكررة مع الأهل، ونشركهم في مناقشة مشكلات أبنائهم إن وجدت، وإعطائهم التوجيه الصحيح في جو من السرية والاهتمام.
كما نتواصل مع المدرسين ونطالبهم بتقوية العلاقة مع الطلاب في حدود العلاقة المهنية، وأن يكونوا حازمين لكن بود، يركزون على فهم التلميذ وتحفيزه للمشاركة والتعاون مع رفاقه للوصول إلى بيئة صفية إيجابية مريحة لكلا الطرفين.
* أسلوب الأنشطة:
تضيف يوسف: كثيراً مانعتمد الأنشطة في عملنا كالغناء والرسم والتمثيل وغيرها، أسلوباً ليعبر الطلاب عن أنفسهم، وأفكارهم، والتخلص من انفعالاتهم المتعلقة بمشكلاتهم ، فالأنشطة أداة ممتازة للتعلم ويميل إليها الطالب لأنها تتضمن المتعة والتسلية، كما أننا نعمل على توزيع الطلاب الموهوبين في المجالات العلمية، أو الرياضية، أو الثقافية على شكل مجموعات، وندعمهم لتنمية مواهبهم وإشراكهم بالفعاليات والمسابقات والمهرجانات، داخل القطر أو خارجه.
* صعوبات نواجهها:
تعتبر جباعي أن المشكلة تبدأ بنظرة المجتمع الخاطئة لعملية الإرشاد، بحيث لايرى البعض ضرورة للحصول على مشورة المرشد وخاصة فيما يتعلق بالأعمار ( 14-17) أو قد لايثقون بقدرته على حل مشاكل أبنائهم، فيفضلون اللجوء للإدارة التي تعتمد الإجراءات القانونية لتسيير العملية التعليمية، بينما نحن نتخذ عدة خطوات قد تكون كفيلة بحل مشكلة الطالب قبل وصولها للإدارة ومثال على ذلك: المشاكل السلوكية كالتنمر والضرب والسرقة والخلاف مع المعلمين.
كما يعد ضيق الوقت المخصص للإرشاد مشكلة كبيرة تدفعنا لاغتنام فرصة غياب مدرس عن طلابه في حصة ما، لفتح باب الحوار أو النقاش حول مواضيع تهم هذه الفئة العمرية، وينبغي التوسع بشرحها ومساعدتهم على فهمها و إدراكها.
أما أسوأ مافي الأمر هو اقتصار دور المرشد النفسي أحياناً، على إشغال حصص الفراغ، وتحويل دوره إلى إداري داخل المدرسة، وليس تربوياً يلعب دوراً هاماً في تكوين شخصية الطالب ومساندته تربوياً ونفسياً واجتماعياً.
* إشكالية التعليم الوجداني:
تتمنى المرشدة النفسية جباعي وبشدة أن تُسند إليها حصص منهاج التعليم الوجداني الاجتماعي الذي أقرته وزارة التربية هذا العام 2021-2022 من الصف الأول الأساسي للصف الثامن الأساسي، لأنها تعتقد أنها مهيأة أكاديمياً (كمرشدة نفسية) لتغطية هذه الحصص التي تهدف إلى تطوير الوعي الذاتي والمهارات اللازمة لتحقيق النجاح في المدرسة والحياة بوجه عام، وتكوين علاقات إيجابية وتنمية مهارات اتخاذ القرار والتصرفات المسؤولة في الشخصية، أي إن كل ماسبق هو صلب تخصصها الجامعي.
أخيراً وانطلاقاً من الدور الهام و المحوري الذي يلعبه المرشد المدرسي في إنجاح العملية التربوية، ينبغي تذليل العقبات التي تحول دون تفعيل دوره، ودعمه بالأدوات و الدورات التدريبية المتكررة كي يمتلك الخبرة اللازمة لتطوير عمله.