الثورة – هيام عباس صالح:
ثمة من يطلق على مرحلة الشيخوخة أو الكهولة (سن اليأس)، وهناك من يرى أن الحب كالعمر له مراحل وفصول مختلفة، ولكل مرحلة خصوصيتها ولكل فصل طقوسه وتضاريسه، ففي الحب ربيع وصيف وخريف وشتاء، وإذا أردنا تشبيه العمر بالشجرة، إلا أنه لا يقاس بمقدار تساقط أوراق الأحلام والأعمال وما تحقق منها لدى كل شخص، لذلك فإن خريف العمر غير محدد بعدد السنين فطالما الإنسان قادر على العطاء فهو ينبض بالحب والحياة.
هذا الموضوع يلامس فكرة مسلسل إذاعي تم تسجيله مؤخراً في إذاعة دمشق وقد أتيحت لنا زيارة فريق العمل هناك وكانت لنا وقفة مع بعض النجوم القائمين على العمل.
عنوان المسلسل الإذاعي (حب في خريف العمر) تأليف أحمد السيد وإخراج أحمد فراج إنتاج دائرة الدراما الإذاعية في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، أما فكرته الأساسية والهدف منه والرسائل الموجهة للمتلقي فقد تحدث عنها مؤلف المسلسل الكاتب أحمد السيد قائلاً:
الحديث عن كبار السن في الدراما يحتاج إلى شفافية وحذر في تصور الأحداث وتجسيد الأحاسيس، وهذا العمل حملني مسؤولية كبيرة بعد أن كلفني السيد باسل يوسف رئيس دائرة الدراما الإذاعية في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بكتابة مسلسل يكون أبطاله من كبار السن، فاقترحت عليه فكرة دار المسنين وكتابة مسلسل فيه الحب والأمل والتمرد على المفاهيم السائدة عن كبار السن، أنهم أصبحوا بلا قلوب تعشق ولا آمال تتجدد ولا شغف للحياة وفعلاً كتبت العمل وأعطي الأستاذ المخرج أحمد فراج وكانت له بصمته المبدعة من حيث الرؤيا الدرامية والخبرة الطويلة بالدراما الإذاعية.
وقد تم تسجيل العمل بزمن قياسي وبجهود مشكورة من الفنانين المشاركين الذين أبدعوا في تجسيد الأدوار وأيضاً بالجهد الاستثنائي الذي بذلته دائرة الدراما من دعم ومتابعة لكل تفاصيل التسجيل.
أما الرسالة التي أردت تضمينها لهذا العمل فهي أن الحب لا يشيخ والأمل دوماً يرافقنا، أما بالنسبة لرسم الشخصيات يتم من خلال الحدث العام ومسار الحدوتة والعلاقة بين الشخصيات وطبعاً هذا يحتاج إلى خبرة درامية ومخزون ثقافي واجتماعي من أجل أن تتوفر المصداقية والواقعية في طرح الأحداث، وطبعاً عندما يكتب الكاتب ملامح الشخصية تقفز إلى ذهنه صورة الممثل التي يمكن أن يجسدها، ولكن يبقى الرأي والقرار لمخرج العمل في اختيار المؤدي للشخصية.
مخرج العمل أحمد فراج: يرى بأن العمل الدرامي الإذاعي يتمتع بخصوصية كبيرة تلعب فيها الموسيقا، وأداء الممثل، وطبقات صوته دوراً كبيراً في دفع خيال المستمع إلى تطور الأحداث وتتابعها ضمن سياقها الدرامي، فالمخرج يلعب على أداء الممثل الصوتي وإحساسه العالي في تحويل ما هو مكتوب إلى عمل درامي مسموع بمساعدة المؤثرات الصوتية منها الجاهزة ومنها التي تنفذ أثناء التمثيل خلال التسجيل، وقد حاول الكاتب عكس الواقع بأحد جوانب المسلسل لا سيما في حالة شخصية ربيع التي قام بتجسيدها الفنان رياض نحاس. وربما في جانب آخر من خلال شخصية نجاح التي قامت بتجسيدها الفنانة وفاء موصللي حيث تمنى الكاتب أن يكون الواقع كما يأمل أو ربما كما يجب أن يكون من وجهة نظره ومن وجهة نظر المجتمع الذي يتبع العادات والتقاليد والأخلاق التي تربينا عليها في تعاملنا مع الأباء والأمهات عندما يصلون إلى خريف العمر.
وفاء موصللي: عبرت عن محبتها للإذاعة واعتبرتها بيتها الثاني..
وتحدثت عن الشخصية التي أدتها في المسلسل(نجاح) وهي شخصية ممثلة مشهورة خفتت أضواء شهرتها بعد أن كبرت بالسن، منفصلة عن زوجها الممثل وليس لديها أولاد، باتت تتجرع مرارة ما فاتها من سعادة اجتماعية أسرية دافئة بسبب انشغالها ولهاثها وراء النجومية، حتى علاقتها بأخيها لم تكن قائمة على المحبة والمودة بل كانت بعين أخيها منجم مال من حقه الاستحواذ عليه.
وهنا في المسلسل نحاول الحصول على شيء من السعادة قبل فوات الأوان وهو الحب الحقيقي والاستمتاع بجمال الزمان والمكان بعيداً عن الشهرة والمال لكن لا يسعفها الحظ والوقت لبناء سعادة فيما تبقى من العمر لأن البناء يحتاج لمراحل… باختصار هو بحاجة لوقت ضاع منذ زمن فتتجرع الخيبة وتستسلم لطمع أخيها.
دينا خانكان (ممثلة): تحدثت عن الشخصية التي شاركت فيها (فهمية) وهي إحدى نزيلات الدار، تتمتع بروح جميلة ومحبة، تنشأ علاقة حب بينها وبين أحد النزلاء فتسانده وتقف بجانبه عندما يتعرض لأزمة مرضية تفقده الحركة إلى أن يشفى ويتوج حبهما بالزواج رغم معارضة ابنه العاق الطامع بأموال والده. حيث قرر الوالد أن يكتب أمواله لزوجته، لكنها ترفض وتقنعه أن يتبرع بها للجمعيات الخيرية.
أما الممثل موفق الأحمد فبدأ الحديث بعبارته الشهيرة ((من لم يخرج من عباءة الدراما الإذاعية لا علاقة له بالفن)) لأن الإذاعة مدرسة الصوت وليد الحس تختزل كل الأدوات التي تساعد الفنان في التلفزيون والسينما وحتى المسرح.
فرغب ألا يتحدث عن شخصيته في المسلسل وإنما عن إعجابه ببراعة الكاتب الذي استطاع بمزاجه الساحر أن يرسم شخصيات المسلسل بدقة وواقعية، حيث إن براعته هذه تسللت كما السحر إلى داخل كل شخصية ليكشف لنا نفسيتها وفلسفتها ووضعها الاجتماعي وحالتها التي دفعتها للجوء إلى دار المسنين.
عدنان عبد الجليل (ممثل) أوضح في حديثه ملامح الشخصية التي جسدها في المسلسل، وهنا شخصية فنان قديم ومشهور في التلفزيون أفل نجمه في الفترة الأخيرة، لم يتزوج كان له علاقات كثيرة في شبابه، وبعد أن بلغ به العمر قرر قضاء بقية حياته في دار المسنين ليجتمع فيها بفنانة كانت تجمعهما علاقة حب، ويتجدد، هذا الحب رويداً رويداً لينتهي بالزواج ثم الانفصال.
حيث إن العمل يسلط الضوء على تغير المفاهيم والمبادئ عند الإنسان من مرحلة الشباب حتى نهاية العمر.
علي القاسم (ممثل) قال: لقد كانت مشاركتي في المسلسل الإذاعي فرصة جميلة، والحقيقة أجد نفسي في العمل الإذاعي لأنني أعتبر أن الكلمة المسموعة هي غاية في الأهمية لأنها تأتي عن طريق صوت الممثل وإحساسه فقط.