مقتنع أنا تماماً أن الإعلام دون تبعية سياسية مستحيل الوجود .. وأن التمايز يكون في مستوى الإسفاف في العداء أو التأييد..!!
الإعلام الناطق بالعربية .. من أميركا .. من فرنسا .. من بريطانيا صاحبة “الشرق الأدنى” التي أصبحت “هنا لندن” ثم البي بي سي … منها جميعاً من غيرها .. يبدو أنهم عوض عن أن ينقلوا لنا إمكانية رفع مستوى الأمانة الإعلامية.. علموا العالم الكذب.
هم لم يساعدوا الآخرين في إنشاء ديمقراطيات تليق بهم وبواقعهم .. أبداً .. إنهم يخشون ذلك .. يكفي للدلالة على ذلك النفق المظلم الذي يضيع فيه أي باحث عن أمل بمستقبل ..
إنهم يخدمون ساسة .. ويصنعون سياسة ..
في سورية .. في العراق .. في فلسطين .. في لبنان .. دائماً كان الجزء الأعظم من الجهد الإعلامي الناطق بالعربية شعاراً يخفي الحقائق .. وليس مشعلاً يضيء الدروب ..
يحزنني أن أقول لا أستطيع أن أصدق هذا الإعلام .. إلا إن كان لا مانع لدي من أن أصدق الممولين والسياسيين الذين يقفون خلفه ..
بالتأكيد المسألة تقبل التعميم ولا تقبل تماثل الأجزاء .. فيها الكثير من النسبية .. هناك إعلام أفضل من إعلام آخر .. وبكثير .. وهي أفضلية تنتجها الإمكانية والفضاء الذي يحيط بالسياسي أو الممول .. ولا يتبع غالباً الرصانة الأخلاقية.
أكثر من مرة – تعرضت لهذا المعيار .. “الأخلاق” .. أليس لكل مهنة أخلاقها ..؟!
هل يتعامل الإعلامي مع من يخاطبه بأخلاق وصدق .. دون إسفاف بتقييمه مقدرة هذا المتلقي على المعرفة والتمييز .. انكسرت أحلام الكثيرين .. لكن ليس كل أحلامهم .. مجدداً سيولد الحلم ..
كثيراً .. ما انتابني هذا الشعور .. وأيضاً كثيراً ما استعدت الحلم .. الإعلام مثل كل النشاطات .. مثل كل التطبيقات للقوانين العلمية .. أبيض مثل نقاء الثلج .. أسود مثل ظلام الليل ..
إنه أحد أهم عناوين العصر .. ويتشابه بتلك الصفتين مع كل العناوين الأخرى .. المال .. الصناعة النووية.. وحتى الحرية نفسها سلاح بحدين ..
ونحن نتذوق الكأس الذي يسقينا إياه الإعلام معلناً الحرب على بلدنا وفيها .. يستيقظ سؤال يقول:
– هل كان غيرنا يشرب الكأس نفسها ونحن مجرد متلقين غير معنيين ؟!
الإعلام .. هو الإعلام ..
كثير .. غزير .. مملوء .. ولن يستسلم لأحد بسهولة .. لابد من التعامل معه .. بجدية وحذر وذكاء .. وإلا ينتج بوابات عديدة للجنون.
معاً على الطريق- أسعد عبود