كل العناوين والشعارات التي أطلقت.. وجميع الندوات وورشات العمل التي عقدت.. ومعظم التهديدات والوعود التي رفعت ضمن حملات مكافحة الفساد، اختصرها وأجملها وزير المالية بوصفة عامة ـ خاصة في آن معاً تبدأ بإصلاح سلم الرواتب والأجور للعاملين في الدولة، وتحقيق العدالة الضريبية، وبتر مظاهر التهرب الضريبي من جذورها، والاستمرار في عملية وأد ظاهرة الترهل والفساد في المديرية العامة للجمارك، وتفعيل وإدارة أصول الدولة “المعطلة” بالطريقة المثلى … عندها يمكن الحديث عن سد عجز الموازنة العامة للدولة وتحقيق موارد ووفورات وإدارتها بطريقة احترافية أكثر رشداً.
وصفة وزير المالية الخالية من الرتوش وأبر التخدير والوعود البراقة والكلام المعسول، لم تكن فقط واضحة وصريحة، وإنما مثلجة لقلوب وصدور وجيوب المواطنين الذين سيتمكنون من القفز ولأول مرة على سلم الضمان الصحي ويتربعوا على عرش “الزبون رقم واحد” من خلال بوليصة التأمين الجديدة التي ستلم تحت مظلتها شمل المتقاعدين أصحاب الشريحة الأوسع في ظل الظروف الحالية، والحد من حالة الهستريا التسعيرية التي طالت الدواء والطبابة، وضمان إصابة هدف الدولة الذهبي في مشروع التأمين الصحي العام والشامل.
ما جاء في حوار السقف المفتوح مع وزير المالية وصف بجلسة المكاشفة والمصارحة وإسقاط ورقة التوت عن عورة ملف التهرب الضريبي ” الأهم والأدسم” الذي كان يدار بعقلية المستحيل لا الصعب، وبذهنية “ليس بالإمكان أفضل مما كان”، وبمصالح شخصية ضيقة ليس إلا، وكشف حقيقة قطاع المال والأعمال والصناعة.. وحجم تهربهم “المفتعل والمحبك بإتقان” الذي لامس عتبة الـ 2000 مليار ليرة سورية عداً ونقداً، والانتقال ليس فقط إلى مرحلة الجباية التي كانت ومازالت وستبقى حق مشروع للدولة والمواطن معاً، وإنما إلى تعديل الأنظمة الضريبية “التي أكل عليها الدهر وشرب”، وتصحيح العلاقة مع المكلف وصولاً إلى الحالة الضريبية المثلى شاء من شاء، وأبى من أبى من المكلفين الذين سيكونون قريباً جداً طرفاً مهماً وعاملاً مؤثراً في تحقيق العدالة الضريبية التي تعطي لكل ذي حق حقه.
الكنز -عامر ياغي