ربما علينا أن نعترف أن كتاباً ومفكرين سوريين ظلموا كثيراً بالإهمال الإعلامي وعدم الاحتفاء الدائم بهم وبما قدموه للفكر ..
من هؤلاء سعد صائب الكاتب والمترجم السوري المهم جداً ولعله من حسن طالعي أني كلما هممت بإعادة ترتيب بعض كتبي يكون كتابه الأثير (آن الآوان ) بواجهة الكتب .. من هذا الكتاب المهم جداً كان اقتباس العنوان السابق، إذ عنون فصلاً بـ: هزيمة المستقبل .. وكان أن أضفت الاستفهام لئلا يبدو الأمر جزماً تاماً، بل مجرد سؤال يفرضه الواقع المر الذي يحيط بنا بل بالعالم كله، لكنه أكثر قتامة هنا.
واقع يجعلنا نتحسر على الماضي وكثيرون منا يقولون متى نعود كما كنا بدلاً من أن نحلم بغد أفضل…لقد صارت أقصى أحلامنا أن نحصل على بضع احتياجات لم نفكر بها يوماً ما، بل كانت متاحة حتى لمن لا يملك إلا النذر الذي لا قيمة له.
اليوم اختلف الأمر وصار ماضينا وغدنا عبئاً علينا، كل يوم نتحسر على ما سبقه ..
ببساطة لأننا لا نجيد صناعة الأمل، صناعة استثمار الواقع مهما كان ..
هذه حالنا التي لا تسر، كلام الليل يمحوه النهار وثمة من يقرب البعيد ويبعد القريب، ليس معنياً إلا بإطلاق التصريحات التي لا تطعم خبزاً.
سعد صائب يروي في كتابه السابق أن قيصر بيزنطة بعد معركة اليرموك سأل أحد قادته كيف هزمكم العرب وأنتم الجيش الجرار؟
رد القائد قائلاً: يا مولاي كان كل جندي معي يؤمن بالهزيمة فانهزمنا وكان كل عربي يؤمن بالنصر فانتصروا ..).
نعم هي الإرادة التي تصنع المستحيل، فما بالنا اليوم ونحن منتصرون سياسياً وعسكرياً، وأعدنا توازن العالم وغيرناه ليكون أكثر أمناً وأماناً ..ما بالنا في أمور الحياة التي هي تفصيلات صغيرة نقف عند ما كان نتحسرعليه ؟
لسنا مهزومين أبداً، نثق أننا منتصرون وأن الغد لنا، ولكننا نؤمن أن من لا يستطيع اجتراح النصر في هكذا أمور هو الخاسر وليس الوطن ولا الشعب …أياً كانت ظروفنا علينا أن نرتقي إلى نصر جيشنا وقائدنا ولنا الغد المأمول.
معاً على الطريق … ديب علي حسن ..