الثورة – بقلم الصيدلانية سارة محمد شاهر أبو سمرة
تشكل الحميات الغذائية هاجساً كبيراً لدى الكثيرين، ولعلها تصل حد الهوس أحياناً في رحلة البحث الدائمة عن الرشاقة والوزن المثالي والحصول على جسم صحي وجميل في كل وقت، وقد انتشرت في الآونة الأخيرة أنظمة جديدة ودراسات متنوعة بهذا الخصوص و منها “الكيتو دايت”، فما هو هذا النظام؟ دعونا نتعرف عليه.
يعد “الكيتو دايت” من الأنظمة الغذائية عالية الدهون منخفضة الكربوهيدرات أو “لو كارب دايت”، والذي أثبت فعاليته في إنقاص الوزن، وتحسين الحالة الصحية بشكل عام ، حيث أن تقليل الكربوهيدرات هذا يدخل الجسم في حالة من حالات التمثيل الغذائي تدعى (Ketosis)، يعتمد فيها الجسم على حرق الدهون بشكل أساسي كمصدر للطاقة.
وكما نعلم أن المصدر الأساسي للطاقة في الجسم هو حرق الكربوهيدرات، لذا دائماً ما يتجه الجسم إلى حرق السكريات والكربوهيدرات الموجودة في الغذاء أولاً كمصدر للطاقة، فإذا لم تكف كمية الكربوهيدرات والسكريات الموجودة في الجسم لإنتاج الطاقة اللازمة، يتجه الجسم إلى حرق الدهون لإنتاج الطاقة اللازمة للعمليات الحيوية، وهذه الحالة تسمى Ketosis، أما إذا كان الغذاء عالي الكربوهيدرات فإن الجسم يأخذ طاقته الكافية من الكربوهيدرات ويخزن الدهون؛ بل ويحول الزائد من الكربوهيدرات إلى دهون لتخزينها أيضاً، ومن هنا تبدأ زيادة الوزن والسمنة، لذا عند اعتماد نظام “الكيتو دايت” منخفض الكربوهيدرات وعالي الدهون يبدأ الجسم في تكييف نفسه على حرق الدهون الموجودة في غذائه أو المخزنة في دهون الجسم وخلاياه لأنه لا يستطيع توفير الطاقة الكافية للعمليات الحيوية من كمية الكربوهيدرات المنخفضة الموجودة في الغذاء.
ومن أولى علامات دخول الجسم في حالة الكيتوزيس هي ظهور بعض الأعراض مثل العطش وجفاف الفم والتبول المتكرر، وفقدان الشهية وعدم الشعور بالجوع، كما أنه يمكن عمل اختبارات الدم والبول والنفس التي تكشف عن وجود الكيتونات، كما يساعد اعتماد نظام الصيام المتقطع بالتزامن مع “الكيتو دايت” على تسريع دخول الجسم في حالة Ketosis.
وبالمقارنة مع أنظمة الريجيم الأخرى فإن معظم أنظمة الرجيم تعتمد على إنقاص المحتوى الدهني في الطعام، ولكن أثبتت التجارب والدراسات أن نتائج “الكيتو دايت” أفضل من أنظمة الرجيم التي تعتمد على إنقاص الدهون، لأن معدل إنقاص الوزن قد بلغ خمس أضعاف معدل إنقاص الوزن في أنظمة الرجيم التي تعتمد على إنقاص الدهون في نفس المدة ،كما أن الأنظمة التي تعتمد على إنقاص الدهون في الغذاء اليومي لها بعض المضاعفات الصحية، بينما على العكس في الكيتو دايت فان المضاعفات أقل وله فوائد صحية على الجسم بشكل عام فضلا عن إنقاص الوزن.
ويتميز نظام “الكيتو” بأنه مريح ذهنياً لأنه لا يعتمد على حساب السعرات الحرارية بدقة كما في أنظمة الريجيم الأخرى ،كما أنه يقلل مستوى سكر الدم ويحسن الحساسية للإنسولين، ويساعد على خفض وضبط ضغط الدم، ويقلل الكوليسترول ومستوى الدهون الثلاثية بالجسم، ويفيد في تعديل مستوى السكر التراكمي في مرضى السكري من النوع الثاني، ويقلل فرصة حدوث الأمراض القلبية لأنه يرفع نسبة الكوليسترول النافع ويقلل مستوى الدهون الضارة، كما قد يفيد كعلاج جانبي في حالات السرطان لأنه يحجم نمو الخلايا السرطانية ويمنعها من غذائها الأساسي وهو السكريات، كما يفيد “الكيتو دايت” في تحسين أعراض تكيس المبايض، كما لوحظت نتائج إيجابية على البشرة وزيادة مرونتها وتقليل التجاعيد، لأن السكريات والنشويات من أوائل العناصر التي تسهم في شيخوخة خلايا البشرة مبكراً.
وبالرغم من مزايا “الكيتو دايت” العديدة إلا أن هناك بعض الآثار الجانبية التي تظهر خلال الأيام الأولى حتى يتكيف الجسم مع النظام الغذائي الجديد، وأكثر هذه الأعراض شيوعاً هي الإسهال أو الإمساك والقيء، و هناك أعراض أخرى أقل شيوعاً مثل اضطراب الهضم وزيادة الشعور بالجوع وقلة التركيز واضطراب النوم وعدم القدرة على ممارسة الأنشطة اليومية ،ولكن تختفي هذه الأعراض سريعاً بمجرد تكيف الجسم مع نظام “كيتو دايت”؛ ويمكن تقليل هذه الآثار بتقليل الكربوهيدرات تدريجياً لتعويد الجسم على الاتجاه لحرق الدهون بالتدريج قبل منع الكربوهيدرات تماماً.
كما قد يؤثر أيضاً على توازن الماء والمعادن، لذا ينبغي تناول المكملات الغذائية من المعادن والفيتامينات تحت إشراف الطبيب.
و يجب ألا ننسى أن نظام “الكيتو دايت” له مدة محددة يحددها الطبيب حسب طبيعة كل جسم وحالته الصحية، أما إذا استمر لفترة زمنية طويلة فقد يسبب تشمع الكبد وحصوات الكلى وانخفاض مستوى البروتين في الدم ونقص بعض العناصر الغذائية في الجسم ،ففي النهاية هو نظام صحي رائع يستحق التجربة لننعم بحياة صحية مثالية و قوام صحي و رشيق.. ودمتم بصحة وعافية.