التحركات العسكرية لدول حلف الناتو، وما يصاحبها من عمليات إجلاء موظفي بعثات دبلوماسية من كييف، والمواقف الصادرة عن العواصم الغربية، تدل بوضوح أن واشنطن اتخذت قرار الحرب في أوكرانيا، وتدفع بوكلائها الأوروبيين ليكونوا وقوداً لهذه الحرب، ويتضح أيضاً أن كل التصريحات الأميركية والأوروبية حول خيار الدبلوماسية والحوار لحل الأزمة، ونزع فتيل التصعيد مع روسيا، هي مجرد ستار لتعزيز قدرات “الناتو” العسكرية بالقرب من الحدود الروسية، ووضع الأمن القومي الروسي على صفيح ساخن.
أوروبا تخطئ مجدداً بحساباتها، لجهة مواصلة الانجرار خلف الرغبات الأميركية، وتتجاهل مسألة مهمة، بأن أمن واستقرار دولها سيكون على المحك بحال اندلاع الحرب واتساع نطاقها، فهي من ستدفع الثمن، وليس الولايات المتحدة التي سرعان ما تتخلى عن حلفائها عندما تجد مصالحها في خطر، وسبق لها أن تخلت عن شركائها أثناء الانسحاب المخزي من أفغانستان، وأوروبا تدرك أيضاً أكثر من غيرها عواقب التصادم العسكري مع روسيا، وربما يكون التأييد البريطاني لفكرة تخلي أوكرانيا عن الانضمام للناتو لنزع فتيل الحرب، مؤشراً حقيقياً على المخاوف الغربية من الارتدادات العكسية لأي حماقة تدفع واشنطن لارتكابها ضد روسيا.
اليوم من المقرر أن يبحث مجلس الدوما الروسي مشروعي قرارين بشأن التوجه للرئيس فلاديمير بوتين بطلب الاعتراف باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، وفق ما أعلنه رئيس المجلس فلاديمير فولودين، وهذا سيكون رداً روسياً أولياً على الخطة التي أعدها الجيش الأوكراني للهجوم على دونيتسك ولوغانسك، مدفوعاً بدعم قوات الناتو، والاعتراف الروسي بهاتين الجمهوريتين من شأنه قطع الطريق على خطط الناتو بمحاصرة روسيا المتمترسة بعناد وراء خطوطها الحمراء.
الولايات المتحدة، ومن ورائها حكومات دول الناتو، سدت كل منافذ الحوار، هي تريد أن يتحول هذا الحوار إلى نظام مفاوضات تمتد على مدار سنوات عديدة وفق تأكيد الكرملين، وهذا ما ترفضه موسكو الأكثر إدراكاً وفهماً لماهية الألاعيب الغربية الرامية لجعل هذه المفاوضات قناعاً يخفي وراءه “الناتو” إجراءاته العملية لتعزيز قدراته وبنيته العسكرية بالقرب من الحدود الروسية، وبحال استمرار الغرب بتجاهل الضمانات الأمنية الروسية، فإن روسيا غير عاجزة عن اتخاذ الرد المناسب، فهي بالنهاية لن تسمح لـ”الناتو” أن يواصل تمدده نحو الشرق، لأن هذه العملية خطيرة جداً ولا نهاية لها وفق تأكيد الرئيس فلاديمير بوتين، وهنا على الدول الأوروبية أن تتحسب قبل الولايات المتحدة لعواقب أي حرب محتملة.
من نبض الحدث- ناصر منذر