الغرب يتعامل بهيستيريا غير مسبوقة تجاه روسيا، يضخّ السلاح والعتاد إلى أوكرانيا، ويفرض عقوبات اقتصادية شديدة، وينسج الأكاذيب والروايات المضللة لتزييف الوقائع، وتشويه صورة روسيا وشيطنتها، والأدهى أنه لا ينفك عن الحديث حول خرق موسكو للقانون الدولي على خلفية عمليتها العسكرية الخاصة لحماية المواطنين الروس في دونباس، وربما يكون وصف الرئيس فلاديمير بوتين للغرب بأنه (إمبراطورية الأكاذيب) يؤكد ماهية العقلية الاستعمارية الخبيثة التي يفكر فيها زعماء الغرب، ويحددون على أساسها مسار سلوكهم الهدام للعلاقات الدولية.
واضح بأن حالة الجنون العاصفة بعواصم القرار الغربي، تشير إلى مدى المخاوف الأميركية والأوروبية من اقتراب لحظة اجتثاث قواعد النظام القطبي الأوحد، وفقدان مكانة القيادة الغربية في التفرد بصنع القرار العالمي، وتشير أيضاً إلى حالة العجز الغربي شبه الكلي عن مواجهة روسيا خوفاً من قدراتها وإمكانياتها العسكرية، وهذا يفسر مسألة ترك النظام الأوكراني مع عناصره النازيين وحيداً في ساحة القتال، إلى جانب المرتزقة الأجانب الذين يعمل الغرب على استجلابهم لإطالة أمد الحرب ضدّ روسيا.
الولايات المتحدة وأتباعها في “الناتو”، يتحدثون عن خرق روسيا للقانون الدولي، ويتجاهلون حقيقية أن الحرب التي تخوضها روسيا مع الغرب في أوكرانيا هي للدفاع عن قوانين الشرعية الدولية التي مزقتها سياسات الهيمنة الأميركية والغربية خلال العقود الماضية، ويتناسون أيضاً بأن موسكو طرقت كلّ أبواب الدبلوماسية والحوار، ولكن واشنطن وشركاءها الأوروبيين أوصدوا تلك الأبواب أمامها، ويتجاهلون بأن “الناتو” لم يقم أي اعتبار للضمانات الأمنية الروسية، فكان الرد الروسي طبيعي وحتمي، واليوم يقف كلّ الشرفاء والأحرار في العالم إلى جانب روسيا، ويعولون على نجاحها في وضع حد لسياسة الغطرسة الغربية، وإعادة التوازن العالمي إلى مساره الصحيح.
الغرب يواصل ضخّ السلاح إلى أوكرانيا، وهذا إعلان حرب صريح ضدّ روسيا، وخرق سافر للقانون الدولي الذي تتحدث عنه الولايات المتحدة وأتباعها، والأمم المتحدة فشلت بمنع وقوع الحرب وفق تأكيد أمينها العام انطونيو غوتيريش، لأنها عاجزة عن القيام بمهامها ومسؤولياتها إزاء حفظ السلم والأمن الدوليين، وهي في كثير من الأحيان تنحاز لجهة الدول الغربية المعتدية على أمن واستقرار الدول المستهدفة بالإرهاب الأميركي، ومن هنا بات من الضرورة الملحة تصحيح هذا الخلل في النظام الدولي الحالي القائم على قواعد وقوانين شريعة الغاب الأميركية، وروسيا إلى جانبها الصين ومحور المقاومة في المنطقة، وكلّ حلفائها وأصدقائها على الساحة الدولية، بمقدورهم اليوم تصحيح مسار العلاقات الدولية وفق قواعد تحكمها مبادئ القانون الدولي، وأساسها العدل والمساواة والاحترام والتكافؤ بين الدول، وهذا ما تنشده جميع الشعوب المحبة للسلام.
نبض الحدث – ناصر منذر