لابدّ أن نعترف بالحضور الإبداعي على الساحة الثقافية، رغم ما يدور في كواليس تلك الساحة عن هجران مريديها أو هم أقرب إلى العزوف عن متابعة الأنشطة الثقافية على اختلاف ألوانها ومشاربها لصالح الهمّ اليومي الذي يستنزف الطاقات البشرية في غير مطلب يومي واحتياجات تحاول أن تحتل الأولوية في سلّم الاهتمامات على حساب الشؤون الثقافية والإبداعية، ويجد المبدع في ذلك مسوّغات له ليكون في منأى عن المشاركة والتفاعل مع ما يقدّم على المنابر الثقافية أو المؤسسات المعنية بالشأن الإبداعي.
ولكن وفي الجانب الآخر نلحظ حراكاً دورياً في المؤسسات الثقافية يتجلى في الإعلان عن مسابقات في فنون الأدب والثقافة، تتضمن” القصة والرواية والشعر ..” وأيضاً في التصوير الضوئي والرسم وأدب الأطفال، وغير ذلك من فنون الإبداع، بغية الارتقاء بها والمحافظة على مكانتها، وتخصص من أجلها الجوائز، ويحظى المتميزون بتكريم يليق بمنجزاتهم التي تصب جميعها في أجندة الإبداع والانتماء إلى الوطن.
ولا يختلف اثنان ما لهذه المسابقات من أهمية في تشجيع المبدعين وتحفيزهم لمواصلة مسيرة الإبداع والنهوض بالعمل الثقافي، وتكريس ثقافة التنافس الأدبي والفني فيما بينهم، ويساهم في ظهور أقلام جديدة ترفد العمل الثقافي بدم جديد يواكب الحركة الثقافية المعاصرة، ويكون لسان حال المجتمع وما يدور من أحداث، يعبّرعنها برؤية معاصرة، لتكون مرجعاً للأجيال القادمة، فمن الأهمية بمكان أن نكتب التاريخ بأيدينا، بدل أن نخلي الساحة لأعداء البلاد أن تكتب كما تشاء.
وبالطبع لا يقتصر تفعيل الحياة الثقافية ونهضتها على المؤسسات الحكومية وحسب، بل ينبغي أن تجتمع الجهود الرسمية والخاصة لزيادة الوعي الثقافي والتشجيع على الإبداع، فعندما نكون في وطن الإبداع لابدّ أن نكمل مسيرة أجيال متعاقبة فيه عملت من أجل بناء حضارة عصيّة على الانكسار، فلتتحالف الجهود المجتمعية كافة لإعلاء شأن الثقافة، والدفاع عن الهوية الثقافية الغنية، التي يتربص بها أعداء الشعوب والإنسانية، ولننتصر للكلمة، ففي البدء كانت الكلمة.
رؤية – فاتن أحمد دعبول