تزاحمت التصريحات واستنفر المعنيون في المصارف التي يقبض منها الموظفون والمتقاعدون رواتبهم وتعويضاتهم وما في حكمها، حيث أكدوا بالجزم جاهزية المصارف خاصة في كل من العقاري والتجاري للعمل وتغذية الصرافات بالأموال المطلوبة كي يتمكن المواطن ممن له راتب أو تعويض أو منحة أو ما شابه من الحصول عليها بأيسر الطرق يؤمن من خلالها بعض حاجياته من مستلزمات أسرته والتزاماته.
وخلال اليومين أو الثلاثة الماضية انتشرت أخبار كثيرة ومتنوعة توضح وتشرح كيفية اتخاذ الإجراءات والتدابير التي تسهل فرصة حصول هذه الشريحة الواسعة على مستحقاتها عبر لجان متابعة ومناوبات وجولات ميدانية للتأكد من حسن سير عمل الصرفات، وكان القاسم المشترك اللافت للانتباه لدى جميع المعنيين في إدارة المصارف وكوادرها جاهزية الصرافات لأداء عملها، لكن التصريحات وتأكيد الجاهزية والاستعداد نظرياً شيء والواقع شيء مختلف تماماً ولو كان هناك بعض الآليات التي اتخذتها إدارات المصارف في الأيام الثلاثة الماضية والتي لم تكن على مستوى الواقع والحالة ىسيما أننا في فترة عطلة عيدي الفطر والعمال ونهاية الشهر، حيث يتهيأ الموظفون والمتقاعدون لقبض رواتبهم ومعها المكرمة التي منحها السيد الرئيس (المنحة).
البارحة واليوم قمت بجولة ميدانية على عدد من الصرافات في بعض الأماكن بدمشق شملت دمر والمشروع وضاحية قدسيا والبرامكة والصالحية وكفرسوسة والمزة وباب شرقي وغيرها، حيث ـ وليست مفاجأة ـ وكالمعتاد معظم الصرافات بنسبة 85٪ خارج الخدمة، والسؤال: أين الجاهزية والاستعداد ولجان المتابعة والإشراف التي تحدثوا عنها؟! ولماذا كل ذلك الاستنفار في التصريحات والوعود والجزم والحسم؟!
والأمر ليس فقط مقتصراً على العاصمة دمشق، بل في ريفها أيضاً والمحافظات الأخرى، حيث تواصلت مع العديد من الاصدقاء والمعارف والأقرباء في كل من اللاذقية وجبلة وطرطوس وصافيتا وبانياس وحماة وحلب وكانت الأجوبة والنتيجة نفسها..!
ليس غريباً علينا نحن من يعمل في مهنة المتاعب والصحافة هذا التناقض بين ما يقال والواقع، ففي كل مرة تتكرر نفس المشكلة في الأدوات والتصريحات والتنظير بلا فائدة، ونسمع الكثير عن الاستعداد والجاهزية سواء ما يتعلق بموضوع الصرافات وسهولة الحصول على المستحقات منها أو تأكيد وصول رسائل البنزين والمواد المقننة في موعدها دون تأخر أو تأخير، وفي كل مرة أيضاً يعاني المواطن الأمرين ويذهب جهده وتعبه سدى ولا يرى أمامه حلاً سوى الشكوى وحرق الأعصاب ولسان حاله يقول: هالمرّة ولا كل مرّة.
وتستمر المعاناة
حتى وإن حالفك الحظ وظفرت ببعض الصرافات المفعلة فإن الازدحام الشديد عليها والمبارزة والهرج والمرج كفيلان بحتمية مغادرتها ناهيك عن أنها ستتوقف عن العمل خلال فترة قصيرة جداً إما لانتهاء تغذيتها بالمال أو عطل في الشبكة وما شابه.
الحكاية مستمرة وتتكرر عند كل استحقاق أو مناسبة وهي في الحالة العادية تعاني ويعاني معها الناس..