وزير الحرب الإسرائيلي أقر بشكل صريح وجود مخاوف حقيقية حول المصير الوجودي للكيان الصهيوني، وكذلك هي حال وسائل إعلام العدو التي باتت مؤخراً تعكس حالة القلق الذي ينتاب الشارع الإسرائيلي من هزيمة الكيان المصطنع، وأشارت إلى ذلك القناة “14” بشكل واضح.
المخاوف الصهيونية يمكن وضعها في السياق الطبيعي لحتمية زوال الاحتلال، في ظل تمسك الشعب الفلسطيني بثوابته وحقوقه المشروعة من جهة، ولتعاظم قدرات محور المقاومة المساند للقضية الفلسطينية من جهة ثانية، ويمكن القول أنه بعد أكثر من سبعة عقود على إنشاء الكيان الغاصب بمساعد الغرب الاستعماري، وممارسته سياسة القتل والتشريد والتهويد والاستيطان وهدم بيوت الفلسطينيين وسرقة أراضيهم، إلا أنه فشل في تثبيت دعائمه الأمنية وشرعنة وجوده الاحتلالي في المنطقة.
حقيقة أن العدو الصهيوني كيان غاصب، خارج عن منظومة الشرعية الدولية، ويهدد الأمن والسلم الدوليين، تبقى ثابتة، ولا جدال فيها على الإطلاق، ومن هنا تتصاعد مخاوف حكام هذا الكيان بأنهم عاجزون عن الاستمرار بتسويق أكاذيبهم حول أحقيتهم بالأرض التي سلبوها من أصحابها الشرعيين، وباتوا عاجزين أيضا عن إقناع شارعهم العنصري بأن كيانهم لا يزال متفوقاً بقدراته العسكرية، في الوقت الذي باتت تثبت فيه المواجهات العسكرية مع أطراف محور المقاومة بأنه أوهن من بيت العنكبوت، وهذه الحقيقة جسدتها هزائم العدو المتتالية عقب كل مواجهة مع المقاومة الفلسطينية أو اللبنانية، وهذا الأمر أحدث زلازل قوية في جسم هذا الكيان، تعكسها حالات الانقسام والتوترات والخلافات المتفاقمة داخل الشارع الإسرائيلي، وفقدان هذا الشارع الثقة بأجهزته العسكرية والأمنية، وجنوح الكثيرين من الصهاينة نحو الهجرة المعاكسة.
الكيان الصهيوني يمر في هذه المرحلة بحالة عجز ويأس، لا شك أنها ستبقى ملازمة له حتى زواله، واعتداءاته المتكررة اليوم ضد الشعب الفلسطيني، ومحور المقاومة على وجه العموم، تعكس حالة العجز هذه، لاسيما وأنه فقد الكثير من أذرعه الإرهابية على الأرض، والتي كان يعول عليها كركيزة حماية لأمنه ووجوده في ظل المتغيرات الميدانية والسياسية الحاصلة، ويحاول من خلال لجوئه إلى هذا التصعيد على مختلف الجبهات فرض قواعد اشتباك جديدة تغير من موازين القوى والمعادلات القائمة بعد تقهقر الإرهاب، ولكن حساباته ورهاناته ستبقى خاطئة، والدليل أن اعتداءاته المتكررة على سورية، وانخراطه المباشر في الحرب الإرهابية ضدها، لم يحقق له شيئاً من أجنداته السياسية، فسورية لم تخضع للمشيئة الأميركية، وأفشلت بصمودها “صفقة القرن”، وهي أكثر عزماً وتصميماً على استعادة الجولان المحتل، وموقفها تجاه القضية الفلسطينية ما زال ثابتاً لم يتغير، وكذلك الحال تجاه الشعب الفلسطيني، فهو اليوم أكثر تشبثاً بخيار المقاومة لاستعادة كامل حقوقه المشروعة، وفي ظل معادلات القوة التي يرسخها المحور المقاوم في المنطقة، يبقى على الاحتلال انتظار موعد دحره وزواله، وهذا الموعد بات أقرب من أي وقت مضى.