الثورة – هفاف ميهوب:
لكلّ إنسان تعريفه الخاص للفنّ، ويختلف هذا التعريف من إنسانٍ لآخر، سواء أكان إنساناً عادياً، أم فناناً شاعراً أو كاتباً أو تشكيليّاً أو نحّاتاً أو راقصاً أو موسيقيّاً، أو غير ذلك مما ينقل به الفنان، كلّ شعورٍ أو تخيّل أو شكلٍ أو لحنٍ يجمّل به عالمه، إلى العالم الذي يسعى للانفصال عنه، رغم أنه يعيش فيه..
إنه العالم الذي سعى الأديب والمفكر والمصلح الاجتماعي “تولستوي” لاستحضار رؤى ووجهات نظر مختلفة وعديدة في تعريفها له.. وجهات نظر لأدباء وشعراء وفنانين ومفكرين، أجابوا جميعهم ورغم اختلاف كلّ منهم في تعريفه للفن، على سؤال” كتابه: ما الفن”!!!..
طبعاً هو لم يسأل، بانتظار أن يقدّم له أحدهم إجابة، ولم يستحضر تعاريف وآراء فكرية عديدة، إلا ليقدّم خلاصة ما أراد أن يقول فيه، ليس الفن هو الجمال فقط، بل هو وبالدرجة الأولى “نشاط إنساني، يكمن في أن يقوم إنسان ما، بوعيٍّ وبوساطة إشارات خارجية معروفة، بنقل الأحاسيس التي يعاني منها إلى الآخرين، الذين يعيشون هذه الأحاسيس ويعانون منها..”..
لا يكتفي “تولستوي” بهذا التعريف، بل يوضّحه في زمنٍ يشبه كلّ زمنٍ يفيد تناول هكذا موضوع فيه، وليس بهدف جعل القرّاء يطّلعون على وجهات نظر الأدباء والفنانين والمفكرين بالفن، وإنما ليشير إلى أنه الزمن الذي يجب أن يتخلّص الناس فيه، من “تيار الفن الفاسد والضال.. التيار القذر الذي يغمر حياتنا”..
يوضح ذلك، مشيراً إلى أن التخلّص من هذا التيار، يكون “عندما يستجيب الفن لمتطلبات كافة الناس، وعندما يتمّ انتقاء الفنانين الموهوبين من الشعب كافة، ممن تتجلّى لديهم القدرة على النشاط الفني والميل نحوه، فيكون بذلك في متناول الجميع، ومن كافة الأوساط الشعبية..”..