الثورة – فاتن أحمد دعبول:
رغم مرور سبع سنوات على انطلاقته في فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب، بإدارة الشاعر قحطان بيرقدار، مايزال الملتقى الأدبي يشكل المنبر الأول للشباب الواعد، الذي يحتضن مواهبهم، ويفسح لهم الطريق نحو مستقبل أكثر إشراقاً في مجال الفنون الأدبية كافة” الشعر، القصة، والرواية، وحتى الفنون الموسيقية والرسم وغيرها..”
* تلاقح تجارب..
وقد شكل الملتقى الأدبي الثقافي الشهري فرصة لانطلاقة الكثير من المواهب، بحسب مديره الشاعر قحطان بيرقدار الذي بيَّن أن الملتقى يقدم المواهب من أعمار مختلفة” أطفال، مراهقين، ومحترفين” في محاولة أن يكون الملتقى للجميع، ويساهم في تلاقح التجارب لتعود الفائدة على الجميع.
وأوضح أن الحصاد في هذا الشأن كان وافراً، فكثير من هذه المواهب قد نضجت تجاربهم، وقد فتحت أمامهم أبواب النشر في غير مطبوعة ثقافية، وكل ما نتمناه هو الاستمرارية والتجديد لئلا يتحول الملتقى إلى عمل روتيني، وحتى يكون هذا الملتقى بيتهم الذي يحتضنهم ويقدم لهم النصح والإرشاد، ويرسم لهم خطاهم على دروب الثقافة والإبداع.
* مواهب واعدة..
وبيَّن د. أسامة حمود” شاعر” أن الملتقى الذي دأب فرع اتحاد الكتاب العرب على إقامته منذ سنوات، يشكل تجربة رائدة للشباب، ولا ننكر أنها فرصة لنا جميعاً للتواصل مع هؤلاء الشباب نتعلم من رؤاهم الحداثوية، فهم شباب يتمتعون بالانفتاح على الآفاق، ويملكون تطلعات جديرة بالاهتمام والرعاية، ويجب أن تتاح لها المنابر لتقدم نفسها بالمكان الذي يليق بها.
وعن تقييمه لتلك التجارب فهو يصنفهم إلى نوعين اثنين، الأول متعجل لا يتيح فرصة لتجربته أن تنضج، والصنف الثاني يؤمن بأن الموهبة تحتاج إلى ثقافة وصقل لتنضج على نار هادئة، وهو من يصل في النهاية إلى ما يصبو إليه، وهذه نصيحتنا لهؤلاء الشباب بأن يصقلوا تجربتهم بالدربة والثقافة والاستفادة من تجارب الآخرين.
ومن قصيدته” في رحاب التيه” نقتطف:
في البدء كنا، وكان الهم والألم زورا بوجهك هذا الكون يبتسم
قد كنت أكثر من يزجي الورى أملا واليوم يأس بدنّ الروح يحتدم
كل النبوءات في مرمى سذاجتنا صرح على رمل هذا التيه يرتسم
منبر الجميع.
وترى د. أسمهان الحلواني” شاعرة وروائية” أنه من خلال هذا المنبر يمكن أن تقدم الكلمة الجادة التي تحمل الهم الإنساني، لتتجاوز حد السمع وتصل إلى القلوب وإثارة الوعي، فالمشاركة وسيلة هامة للتواصل مع المشهد الثقافي، والاطلاع على تجارب الآخرين.
ومن نثرياتها التي تحكي الهم الإنساني، وتبحر خلاله في النفس البشرية بهمومها ودوافعها، نقرأ:
” قال لي القدر، أين امتثالك، قلت إن لي صرة إيمان أنت فيها، تارة أفتحها وتارة أخفيها، قال لي الوقت، أين إدراكك، قلت، إن لك خطوطاً أسير عليها متثاقلة، أنحني، أركع أمامها، أطويها برفق، أدسها في جيبي، لحظة المغافلة.
* مشاركات متنوعة..
وآثر المشاركون: لما بدران، وحسن سلمان، وجلال أورفلي، تقديم سكيتش تمثيلي يحكي هموم الطلبة أثناء الامتحان، ووجدوا أنه من الأهمية بمكان استقطاب ودعم مواهب الشباب في تلك المحافل الثقافية، لأنها ملاذهم الأجدى في تقديم رسائلهم للمجتمع وإظهار إمكاناتهم وتطلعاتهم.
كما شاركت الفنانة التشكيلية ناديا داود بقصة قصيرة للأطفال، وهي تعبِّر بالصورة والكلمة عن حكاياتها الشائقة للأطفال.
كما قدمت رندا قدسي قصة تحكي تبعات الحرب وما خلفته في نفوس الناس من حزن، وأفقدتهم بعضاً من أرواحهم وأجسادهم، وامتازت قصتها بلغة جذابة وشائقة، كما قدمت لجين عجيب أيضاً قصة لافتة وهي لما تتجاوز في عمرها السابعة عشرة، وكان هناك مشاركة للشاعر منصور سلمان، الذي تميز بأدبه الساخر.
أما الطفلة هيام ضويحي التي تبلغ من العمر تسع سنوات فقد لفتت إليها الأنظار بحضورها الآسر ولغتها الصحيحة عندما قدمت بعض قصائدها من وحي ما يدور في محيطها، ويجول في خاطرها، متطلعة إلى أن تكون شاعرة مشهورة، وتملك عدداً كبيراً من الدواوين الشعرية، واللافت أيضاً أنها تترجم قصائدها رسماً ولوناً، ومن قصيدتها” العودة إلى المدرسة” نقرأ:
المدرسة على الأبواب، ها قد عادت بعد غياب
سيزهو اللون في حياتي، ويضج الكون بضحكاتي
علم معرفة أفكار، قلم، علم وشعار.
وفي نهاية الملتقى قدم د. رعد البصري، الشاعر العراقي قصيدة تحية إلى دمشق، يقول:
دمشق عروس من سنابل أينعت، أميرتهم كيف السنابل ترجم
دمشق سفائن تجوب خوافقي، تصلي لها الشطآن والليل والدم
على ريفها مني سلام معتق، بعطر وأمطار وعشق تنسم.