في المشهد … ورغم ما واجهته عملية التعليم “التربية” من ظروف غير عادية، تبلغ حد الاستحالة أحياناً، بمقتضى الحالة التي مرت وتمر بها بلدنا .. والتي أثرت على كل مفردات العملية التربوية كما أثرت على كل جوانب حياتنا. أثرت على البناء المدرسي ومستلزماته .. على المعلم وظروف حياته .. على الكتاب وكل الأدوات المطلوبة .. أثرت على حيوية المناهج وارتباطها بمنطلقات الحياة العامة السياسية والاقتصادية والثقافية ..
وفي الهدف .. من زمان لم يعد الغلاف الأخير لكتاب المدرسة يحمل تلك الديباجات التي اعتدنا عليها منذ زمن بعيد.
ليس ذلك الاختفاء لتلك الديباجات هو مظهر التغير الوحيد ولا حتى الرئيسي في التعليم في سورية وقل التربية إن شئت .. رغم أهميته … إلى حد كبير اقترن هذا التغير في العملية التربوية بشطب كلمة (التعليم) من اسم الوزارة والمؤسسات التي تتولى الإشراف على شؤون هذا النشاط الحساس الأهم في البناء والتنمية لتتولاه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي..
أنا أعني بالهدف..ذاك الذي يجذب الناس باتجاه العلم والتعلم والتربية ..
لماذا يختار المواطن السوري لأولاده الكرسي المدرسي .. ولماذا يقتنع التلميذ بهذا الخيار ويلتزم به ..؟؟
طبعاً نيل العلم والمعرفة هو هدف يرسمه العقل البشري وهو مؤثر بصورة رئيسة بارتياد التلاميذ للمدرسة .. لكن إلى جانب ذلك .. يأتي العامل المادي .. بمعنى: التعلم للحصول على الشهادة التي تخول صاحبها البحث عن فرصة العمل أو الوظيفة والراتب ..
في بلدنا ولسنين طويلة مثلت الوظيفة عند الدولة الغاية والهدف .. وحتى اليوم ورغم الانحدار الساحق في مردود الوظيفة عند الدولة، ما زالت هدفاً .. لأنها تمنح المواطن شعور الوصول لرغيف الخبز ..
اليوم الرؤية الشعبية العامة لا تقترب في حالة البحث عن تأمين مستقبل الفرد والأسرة من وظيفة الدولة أبداً ..؟؟ الناس تتابع خطوط مسار الثروة والمصاري .. وترى أن العمل في التهريب والتجارة العلنية والخفية والسعي للهجرة هو ما يستحق العناء .. أما شهادة البكالوريا أو حتى الشهادة الجامعية وبأي اختصاص يكون فأهميتها أن تفتح لصاحبها أبواب الهجرة .. !!
اليوم بدأت فحوص الشهادات التربوية البكالوريا والكفاءة .. وتنتشر على معظم البقاع السورية الآمنة .. وهذا بلا شك إنجاز كبير ..
أيامنا .. كانت مراكز المحافظات فقط محلاً لمراكز الامتحانات .. وكان خلق الله يجتمعون في هذه المدن لأداء هذه الامتحانات .. وكانت معظم الأنظار- إن لم يكن كلها- تشخص لوظيفة عند الحكومة أماناً وتاميناً للحياة .. ولم تعد كذلك ..
As.abboud@gmail.com
السابق
التالي