يقصد السيّاح والزوَّار سنوياً مختلف المتاحف والمراكز العلمية، رغبة منهم في التعرف على الحضارات المختلفة، والسلوك البشري المتنوِّع والغني، ودراسة نمو الإنسان معرفياً في بيئاته المختلفة، لكن الدنمارك قامت بافتتاح متحف من نوع آخر سمته “متحف السعادة” مستندة إلى أنه في خضم هذه الفترة من القلق العالمي المتزايد يبدو أن السعادة تلاشت من مفرداتنا وسط الوباء العالمي، والاضطراب الاقتصادي، والشعور الجماعي بالاكتئاب.
وأنشىء هذا المتحف من قِبل “معهد أبحاث السعادة”، وذلك بعد أن لاحظ القيّمون عليه أن الناس باتوا يبحثون عن السعادة ولكن في الأماكن الخاطئة.
يضم المتحف عدة قاعات تعرض وجهات نظر مختلفة حول السعادة وتجارب متنوِّعة تتراوح بين المعلومات المكتوبة البسيطة ومقاطع فيديو وصور، إضافة إلى نماذج ثلاثية الأبعاد للدماغ البشري. وتحتوي إحدى القاعات التي تحمل عنوان “جغرافيا السعادة”، على أطلس لأسعد شعوب العالم وأتعسها، وحيث يمكن لكل زائر أن يرى موقع بلاده حسب مستوى السعادة فيها.
وفي قاعة أخرى يتم استكشاف دور سياسة الدول وثرواتها في سعادة مواطنيها. فهناك مثلاً كيف أن بعض الدول تقيس الناتج الإجمالي للسعادة منذ سبعينيات القرن الماضي، وكيف أن حكومات أخرى في العالم أخذت تعتمد الرفاهية هدفاً اجتماعياً رئيساً.
وفي إحدى القاعات غرفة أخرى هناك معرض تفاعلي بعنوان “تشريح الابتسامة”، حيث يستخدم الزوار مرآة لمعرفة الجانب الذي يبتسم من وجه “الموناليزا”، وتستكشف قاعة أخرى تاريخ السعادة وكيف تغيّر مفهومنا لها على مدى 2000 عام.
أما مستقبل السعادة، فيمكن استكشافه في غرفة تدور فيها نقاشات متعدِّدة حول ما إذا كان باستطاعة الذكاء الاصطناعي أن يصبح ذكاءً عاطفياً مثلاً، وما إذا كان بإمكان هواتفنا الذكية معرفة كيف نشعر.
حتى الآن ليس هناك كلمة فاصلة جامعة مانعة عن السعادة لأن السعادة كما يقولون ليس لها بيت تقيم فيه وتستقر، فالشيء الذي يجعلك سعيداً قد يشقي غيرك فالمال مثلاً عند الروس يجعلهم سعداء ويعتبرون من له مال له عقل, وعند البريطانيين والفرنسيين ليس كذلك… ويعتبرون ان السعادة لا تشترى بالمال مع اعترافهم أن المال عامل رئيسي وهام لكي تتحقق السعادة… ولكن أي مال و كم من المال؟!.
ونحن إذا أردنا أن نصنف أنفسنا ماذا نصنفها سعيدة، تعيسة، شقية، بين وبين؟!، وما هي المعايير والمحددات التي نستند إليها؟، يقول الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط السعادة هي باختصار: “شيء تفعله، وشيء تحبه، وشيء تأمله”.
أسئلة كثيرة لا جواب لها والباحث عن السعادة ضائع والضائع لن يجد شيئاً…