من يعتقد أن واشنطن كانت صادقة يوماً من الأيام إلا مع مصالحها واحتيالها على العالم ، يعيش الوهم ، ويقع في دائرة أحابيلها التي لا تنتهي وكلما كشفت لعبة منها ، عمدت إلى تجديد ألعابها الأخرى وإعادة صياغتها ، هذا في السياسة والفكر والاقتصاد والإعلام والعلاقات ، وفي الاقتصاد الذي يبدو أنه ملعب واشنطن كما يظنّ الكثيرون ، هناك اللعبة الكبرى التي أتاحت لواشنطن أن تقود ما يسمى الاقتصاد العالمي الحر ، من خلال الدولار الذي بدأت تتكشف حقائقه منذ فترة من الزمن ، وكانت الحرب الوقائية التي تخوضها روسيا في اوكرانيا قد مزقت الورقة الاخيرة التي تستر عري وزيف الدولار الاميركي الذي أصبح العملة العالمية التي كانت لا تنافس ، بل من غير المسموح لأي جهة في العالم أن تفكر بمنافستها أو العمل على ذلك .
وهنا يسجل للمنظرين الاقتصاديين الروس أنهم منذ عقدين من الزمن كانوا يدعون إلى إعادة تفعيل أو استعادة قوة الروبل الروسي ، وكانوا صادقين حين قالوا: إن قوة الدولار الاميركي ، وهمية فلا قيمة له على أرض الواقع إلا من خلال ما تفرضه الغطرسة الاميركية ، فكم شنت واشنطن من الحروب على الدول التي فكرت للحظة واحدة بالتخلي عن الدولار، واللعبة الأبعد هي طابعة النقود التي تفرخ المليارات من الدولارات كما أشار إلى ذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، فالصناعة الأميركية التي لا تخسر وتسوق في كلّ مكان من العالم هي طباعة الدولار والشراء به دون قيمة فعليه ، وحسب اقتصادي روسي : تكلف طباعة المئة دولارحوالي عشرة سنتات ،ولكن واشنطن تشتري بالمئة دولارما قيمته الكثير الكثير،من هنا يمكن تفسير لماذا تكون السلع التي تستوردها واشنطن من دول العالم – تكون عندها أرخص من بلد المنشأ ، ببساطة لأنها – واشنطن لم تدفع تكاليفها – بينما تكاليفها الحقيقية في بلد المنشأ.
نعم واشنطن تسرق العالم ، وتنهبه وتفرض عليه عملتها التي لا قيمة لها لولا قوتها الغاشمة ،من هنا يفسر الكثيرون سباق التسلح الذي تخوضه واشنطن ،وسعيها الدائم للسيطرة على ثروات الشعوب ومقدراتها .