على الرغم من كلّ ادعاءات الولايات المتحدة الأميركية بشأن احترام القانون الدولي والالتزام بميثاق الأمم المتحدة، إلا أن المتابع للسياسة الأميركية عموماً يجد أنها أكثر دولة في العالم انتهاكاً للقانون الدولي وخرقاً لميثاق الأمم المتحدة، لدرجة الشعور بأن المنظمة الدولية بات جزءاً من المؤسسات الأميركية وعليها أن تنفذ كلّ ما يملى عليها دون أي احترام لبقية دول العالم المنتسبة إليها والفاعلة فيها.
فمنذ إنشاء الأمم المتحدة – وما قبل ذلك أيضاً- لم تدخر واشنطن جهداً باتجاه توسيع أراضيها ونفوذها على حساب الآخرين، وقد سخرت كلّ تفوقها العسكري والاقتصادي والعلمي والتكنولوجي و”الثقافي” لتحقيق رغبتها بالهيمنة والتدخل بشؤون الدول الأخرى، ولذلك نجدها تتنمر حتى على الدول الكبرى المساوية لها بالحقوق والواجبات في مجلس الأمن الدولي كروسيا والصين، وتنصب نفسها مدافعاً حصرياً عن قيم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان محاولة استلاب الدور الأممي.
وقد كشفت العديد من الأزمات الدولية وخاصة الأزمة الأوكرانية جنوح واشنطن للتصرف كقوة عظمى وحيدة يجب أن يطيعها الجميع وينفذ أوامرها وتعليماتها، وهو ما عناه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن واشنطن لن تتمكن من حرمان روسيا من حق صوتها في الشؤون الدولية، حيث لا يمكن لواشنطن إجبار موسكو على الامتثال للقواعد المخترعة من قبل أميركا.
يبدو أن الطاعة العمياء التي أظهرتها مؤخراً دول أوروبية مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا لواشنطن شجعتها على التمادي في سلوكها الاستفزازي تجاه بقية القوى العالمية المهمة، ودفعتها للتفكير في شطب الدور الأممي واختصاره بالدور الأميركي المهيمن، ولكن هذه الطموحات محكومة بالفشل، فلا الصين ولا روسيا ولا دول أخرى مثل إيران وسورية وفنزويلا وكوبا وكوريا الديمقراطية ستقبل بالاملاءات الأميركية أو تخضع لضغوط البيت الأبيض، فواشنطن ليست قدر العالم لكي يسلم العالم به.
يضيف الوزير الروسي في إشارة واضحة إلى الأميركيين ” أعتقد أنهم يدركون جيداً أنهم لن يكونوا قادرين على تحقيق ذلك”.
يدرك الجميع سواء اعترفوا أم لم يعترفوا أن واشنطن هي أكبر خطر على الإنسانية وعلى السلام والاستقرار، فقد قوضت حروبها المتواصلة ونظام الهيمنة الذي تنتهجه النظام العالمي، وتسببت في عواقب وخيمة للجميع من دون استثناء بما فيهم حلفاء أميركا – وأوروبا اليوم أبرز مثال – الأمر الذي يفرض تعاوناً وتعاضداً دولياً لكبح العدوانية الأميركية التي أصبحت التحدي الأكبر للمجتمع البشري والحضارة الإنسانية.