لدينا خريطة تقليدية لوقائع العيد كلها، دون أن ننسى أن للحلوى خريطة خاصة.. ولكن ماذا عن الروح…؟
هل أضعناها في زحمة بحثنا عن واقعية محمومة التصقت بها كل الماديات…؟
في ليالي العيد، كأننا نصحوا فجأة، تداهمنا أمواج التفكير، هل نستمتع بعمق، هل ننجز ما نريد، هل اعتدنا الخسارات، وتلك الصخور التي تصفع وجوهنا كلما هممنا باقتلاع إحداها فإذا بأخرى أكبر منها تتحدانا…
ما الذي يحدث لنا نحن الذين نعيش على وقع عيد خاص…؟
نحدق ملياً قبل أن نجيب، وكأن أفكارنا تبددت، حتى عندما نجتمع للاحتفاء بالعيد، كل منا يغيب مع هواجس مختلفة، بل تكون متناقضة في اللحظة ذاتها.
كأن أمامنا طبق كبير من حلوى العيد فيه كل الأصناف ولكن كل يد تمتد لتأخذ ما تشتهيه بغض النظر عن أضرار هذه الحلوى التي تنزلق إلى أجهزتنا بسرعة غريبة، ولا نستطيع مقاومة مذاقها الرهيب.
ولكن مذاق حلوى العيد، يذكرك بمرار أحاسيس تمكنت من قمعها دهراً، ولكن في العيد تبدع ذاكرتك في الحنين وتذكر الغائبين، وأحياناً في عز الذكرى تأمل الهروب من الحاضرين، خاصة حين تتحول أحاديث العيد إلى ضباب يعيق النظر في العيون، وتعجز عن البحث في ثنايا الروح عن لحظة تجدد بعيداً عن تكرار العبارات ذاتها، ولغة الانتظار والخوف من الخذلان …
سابقا… قبل ان تداهمنا كل هذه الأزمات…
كان يأتي العيد ملوناً يشبه ألوان الحلوى اللانهائية، وتلك الملابس الزاهية التي ننتقيها خصيصاً لأول أيام
العيد…
كانت ليالي العيد تعود لتوقف لهاثنا وتلون أوقاتنا، صحيح أنه وقت قصير، لكنه يبقى زاده حتى وقت طويل…
اليوم كم هائل من المشاعر تداهمنا في ليلة العيد، رغماً عنا ينقض علينا شريط طويل من الذكريات تمتلئ بدروب قصيرة نشك أننا دخلناها يوماً بفرح نسينا مذاقه …
نحن الذين نعتقد أننا نجونا من الحروب الفتاكة، نحتاج لعيد خاص بنا، عيد يعنينا على اقتطاع بعض الوقت من كل هذه الانحناءات البشرية الشرهة لبشاعة لم نشهد لها مثيلاً…
عيد تستطيع فيه الجموع إيجاد سبل لشفاء الروح، لعلاج الخيبات وضياع الأهداف…
عيد نلملم فيه شظايانا، ونفتتها على مرمى الحياة، سعياً لإنعاش حياتنا من جديد…!