من يقرأ مطالبات جمعية حماية المستهلك التي تقدمت بها للجهات المعنية، يعتقد للوهلة الأولى أن المستهلك عندنا نال نصيبه من الحماية في وجه استغلال التجار وارتفاع الأسعار وأنه بمجرد وضع لوحة إعلانية في مداخل أسواقنا الرئيسة لتبيان أسعار السلع سيسهم ذلك بالحد من تلاعب التجار وتقيدهم بالسعر المعلن عنه، متناسية أن النشرات السعرية التي تُعلن عنها وزارة التجارة وحماية المستهلك مع مطلع كل أسبوع مجرد أرقام لا يتم الالتزام بها بل على العكس ما نراه فرق شاسع بالأسعار في أسواقنا.
هذا مثال صغير عن العديد من مؤسساتنا سواء الحكومية أو الأهلية لطريقة معالجتها للعديد من الملفات والقضايا المرتبطة بالمواطن بشكل مباشر، فمعظم الحلول التي قدمتها الجهات الحكومية خلال السنوات الماضية كانت مجرد تصريحات وكلام على الورق غير قابل للتطبيق وكل ما تمتاز به طرح الخطط المستقبلية والرؤى بدون إمكانية التنفيذ، وبتشبيه آخر ” ربط المستحيلات مع الانفصال التام عن الواقع “.
للأسف لم تنجح مؤسساتنا بإتمام ملفاتها رغم أنها فندت المشكلة ووضعت الحلول لتبقى تلك الملفات معلقة تنتظر الفانوس السحري للحل، فلم تستطع تحفيز الزراعة ولا الصناعة ولا المشروعات الصغيرة ولا السياحة، والأهم من كل ذلك عجزت عن التدخل لوضع حد للواقع المزري لأسواقنا لجهة الأسعار التي باتت فوق طاقة حتى الميسور وكل ما نسمعه من الجهة المسؤولة عن هذا الملف أرقام عن عدد الضبوط المخالفة.
لطالما تمنى هذا المستهلك ” المواطن ” أن يرى ويلمس أفعالاً لا أقوالاً لتحسين وضعه المعيشي خاصة عندما يسمع من كل حكومة عبارة ” لن نبخل جهداً لتحسين دخل المواطن عندما تتوفر الإمكانات “.
هو ينتظر تصحيحاً لتلك السياسات الاقتصادية والمالية للحد من هذا الاختلال الحاد بين الدخل والاستهلاك وهذا يتطلب تدخلاً سياساتياً إجرائياً كاملاً بجرعات عالية المستوى، فهل تفعلها هذه المرة فعلاً لا قولاً، ولو بملف واحد على سبيل المثال؟.