لكلّ فعل ردّ فعل يساويه في القوة ويعاكسه في الاتجاه..
على هذا الأساس عوّدت نفسها أن تحيا التجارب والمواقف إلى أقصاها..
تحياها فعلياً.. بالمعنى الحرفي..
فمآل الأشياء جميعها ومصيرها النفاد.
ستنتهي عاجلاً أم آجلاً..
ولهذا وقبل أن تزول تماماً.. تتعبّأ بها، بكل لحظة.. وتجعل تلك اللحظة ذاتها تمتلئ هي الأخرى بها، بكل هاجس وكل إحساس يهاجمها ويفاجئها، تحياه وكأنما تنتشله من عتمة سينتهي مصيره إليها.
بالطريقة ذاتها عوّدتْ قلبها هو الآخر أن يمضغ الحبّ على مهلٍ وبتلذذٍ..
أن يقوم بفصفصة كل تفصيل من تفاصيل عشقها..
أن يمضغ الحب ومن ثم يهضمه إلى الأقصى.
“إلى الأقصى”..
عبارة تشي بتطرف مشاعر خبيث..
ويبدو أن خبثه يكمن بانقلابه إلى نقيضه.
تدرك أنها في لحظةٍ ما ستفرغ من كل ما تحياه وتنتقل بلمحة بصر إلى النقيض..
وستكون حينها كمن يقف على ناصية “أقصى” آخر مخالف للأول..
لأجل ذلك لا تستعجل انهيار أحاسيسها أو تلاشيها.. فتدخلها الإنعاش مرّات عديدات..
وكأنها على يقين أن عيش الأشياء الحقيقية يأتي لمرّة واحدة في حياتنا.. لمرّة واحدة.. حتى وإن أتت فيما بعد أشياء أخرى مماثلة أو مشابهة.. لن تكون محمّلة بالشغف عينه ولا اللهفة ذاتها..
ولهذا عوّدت نفسها، كما قلبها، أن تحيا تجارب العيش الصادقة إلى الأقصى.. إلى آخر نَفَس..
فتجتهد بالتقاط كل نَفَس من أنفاسها.. تخزّنها.. لا تريد لها الذهاب هدراً لأي سبب.. أو لأي كان..
خزائن أنفاسها صاعدة وهابطة.. تشي بمغامرات لحياةٍ تسعى عيشها إلى آخر نَفَس.
لكلّ فعل ردّ فعل، يساويه في القوة ويعاكسه في الاتجاه..
لم تتنبّه أن ثالث قوانين نيوتن للحركة لا يشتمل على قوانين القلب ومشاغبات حركته غير المضبوطة..
وأجمل ما فيه أنه يخالف كل القواعد والتنبيهات والضوابط.. يخترقها ويعلن قوانينه البرّية المشبعة بعيش اللحظة.. لحظة الحب ولا شيء سواها.