تتواصل في فيينا جهود ومساع لإحياء الاتفاق النووي مع إيران، وسط تكهنات مختلفة حول إمكانية العودة للاتفاق السابق الذي أجهضته إدارة ترامب عام 2018 أو توقيع اتفاق جديد بشروط جديدة تضمن مصالح كلّ طرف.
حائك السجاد الإيراني الذي يدير مفاوضاته بدم بارد على النقيض من الجانب الأميركي المتعجل لأسباب داخلية وخارجية في الوصول إلى اتفاق جديد، وضع في حسبانه كلّ الاحتمالات المتوقعة، ورفع من سقف شروطه الموضوعية والواقعية تجنباً لتراجع أميركي ثان في حال عاد ترامب إلى السلطة بعد عامين، ولذلك تشهد المفاوضات تعثراً مرده عدم مصداقية الجانب الأميركي حيال الوفاء بالتزاماته، وهو الذي ينظر للموضوع من زاوية مصالحه الخاصة بعيداً عن متطلبات السلام والأمن الدوليين وإخلاء المنطقة من الأسلحة النووية.
نقاط التباين بين الطرفين كثيرة، حيث تضع واشنطن شروطاً بعيدة عن الملف النووي، فيما تتمسك طهران بجوهر الاتفاق وهو خفض أنشطتها النووية إلى المستوى المسموح به دولياً – حسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية – مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الظالمة عنها ورفع اسم الحرس الثوري الإيراني من قوائم “الإرهاب” الأميركية، مع ضمانات بألا تنسحب واشنطن من الاتفاق في حال سقوط الإدارة الحالية في الانتخابات المقبلة.
المراقب لسير المفاوضات يجد أن الكرة الآن في الملعب الأميركي، فواشنطن تحتاج للاتفاق أكثر من إيران ولذلك عليها أن تقدّم تنازلات من أجل التوصل إليه، وهي تعلم أن أي تأخير لن يكون في مصلحة السياسة الأميركية وعندها فإن طهران لن تستمع ولن تذعن لشروط واشنطن التي تحاول نقل الملف إلى دهاليز سياستها المتشعبة، وتوظيفه باتجاهات مختلفة.
في هذا الجو المشحون من الترقب والتصعيد على واشنطن أن تكبح جموح الكيان الصهيوني المتأهب لخلق المشكلات وتخريب أي تفاهم أو اتفاق يحدّ من تغطرسه وعدوانيته، وإلا فإن المنطقة والعالم يزحفان بتسارع كبير نحو الكارثة.