رحلة تاريخية وتوثيقية في أدب الأطفال

الملحق الثقافي:

في كتابه «أدب الأطفال.. تاريخه ، خصائصه وفنونه» الصادر عن وزارة الثقافة يسعى الكاتب عبد المجيد إبراهيم قاسم إلى وضع صورة عامة عن هذا الأدب، وأبرز ملامحه، مسلطاً الضوء على معالم النتاج الإبداعي لعدد من الأدباء الذين خاضوا في هذا الحقل، الذي يتميز بالحساسية والخصوصية، ذلك أن الأطفال، كما تقول الباحثة بام براون «يخلصون لقوانينهم..قوانين يضعونها لأنفسهم».
تعد ثقافة الطفل «استراتيجية تربوية مستقلة بذاتها، لها سماتها وخصائصها وأدواتها، وتشمل مجمل الأعمال الأدبية والتعليمية والترفيهية، الموجهة للأطفال خصيصاً، والتي يضعها الراشدون غالباً». كما يعد أدب الطفل «دعامة من دعائم ثقافة الطفل، يهتم بميولهم واحتياجاتهم ويراعي خصائصهم وقدراتهم وطبيعة نمائهم من الجوانب العقلية والانفعالية واللغوية».. ويرتكز هذا الأدب على أسس فلسفية وتربوية ونفسية حديثة، ويهدف إلى بناء شخصية الطفل وتلبية احتياجاتها..
أدب الطفل بشكله الحالي يعد حديث الولادة نسبياً، لكن الأدب القديم عرف هذا النمط، بشكل بسيط، من خلال القصص والخرافات والحكايات الشعبية، كما ظهر عند المصريين القدماء، حتى أن مؤلف الكتاب يشير إلى أن والت ديزني ربما يكون قد استلهم شخصياته بعد زيارة للمقابر الفرعونية والاطلاع على نماذج من قصص الأطفال المصورة.. كما عرفت الثقافة الهندية هذا النمط من الكتابة عبر حكايات « البانجاتانترا .. أو خزان الحكمة الخمس». ويمكن أن نجد مثيل ذلك في قصص ايسوب الشهيرة، حتى أن خرافات ايسوب كانت أول كتاب يطبع للصغار عام 1484 بعد ما ظهر في أوروبا ما دعي بالألواح ذات الغاية التعليمية.. ومن أشهر تلك الكتب «العالم المرئي المصور» للتشيكي أموس كومنيوس عام 1658 وهو أول كتاب مصور للأطفال.
وتأتي فرنسا في طليعة الدول التي اهتمت بهذا النوع الأدبي عندما ظهر جان دي لافونتين، الذي أطلق عليه لقب أمير الحكاية الخرافية في الأدب العالمي، وله يدين العالم في « هندسة المرحلة التأسيسية لأدب الأطفال». كما كانت فرنسا سباقة في نشر روايات الأطفال على يدي صوفي دوسيغور.. ولا يختلف الأمر عن ذلك في ميدان مسرح الطفل.
ومن ثم بدأ أدب الطفل يأخذ مكانته في الكتابة الأدبية الأوروبية، وفي بلدان متعددة، حيث ظهر «الأخوان جريم» في ألمانيا مع سلسلة حكايات لعل أشهرها وأهمها في ذاكرتنا جميعاً حكاية «ليلى والذئب».. وعلى ضفة الأدب الإنكليزي ظهرت الأختان «آن وجريس تيلر». فيما شكل ظهور الدانماركي هانز أندرسن، في القرن التاسع عشر، إضافة كبيرة وغنية لأدب الطفل وكان رائداً على الصعيد الأوروبي، ومن أبرز مؤلفاته «فرخ البط القبيح 1846»، والكثير من القصص التي شكل بعضها جزءاً من ذاكرة الطفل الحكائية، وقدمتها الشاشة الصغيرة بمعالجات متعددة « الحذاء الأحمر، الأميرة وحبة الفاصولياء».
بدأت الكتابة في أدب الأطفال، في المرحلة التي سميت بالمرحلة التعليمية، بالطريقة نفسها التي كتبت بها تلك الحكايات للراشدين، سواء كانت نوعاً من الأساطير أو الخرافات القديمة، إذ أن معظم تلك النماذج تم صياغتها وكتابتها كما لو كانت لوناً من ألوان أدب الكبار حيث كان التوجه للطفل، بما يتطلبه من خصوصية، غير واضح الملامح، وكانت الغاية الأخلاقية والتعليمية هي أساس منطلق هذه الكتابة وغاية التوجه في أهدافها..
العرب عرفوا هذا النمط من الكتابة الأدبية حديثاً مع رائد كتابة شعر الأطفال المصري رفاعة الطهطاوي صاحب أول مجلة للأطفال بعنوان « روضة المدارس المصرية».. فيما توجه العديد من الأدباء إلى الكتابة للطفل بمستويات مختلفة، وكانت الكتابة الشعرية أبرز ما خوطب به الطفل آنذاك..
أما التجربة السورية فقد عرفت عدداً من الرواد أبرزهم: رزق الله حسون، وعبد الكريم ..، وتصدر اسم الأديب الكبير سليمان العيسى مشهد الشعر الطفلي بكثير من الأعمال.. وفي الوقت نفسه برز عدد آخر من الكتاب والأدباء العرب الذين توجهوا للطفل في فني الشعر والقصة..
يتناول المؤلف خصوصية أدب الأطفال وطبيعته، في فصول يستعرض فيها تلك الخصائص التي تعنى بالكتابة انطلاقاً من ضرورة إدراك كيفية التوجه للطفل قياساً إلى عمره و»ثقافته» سواء على صعيد الفكرة والمحتوى، أو على صعيد الأسلوب واللغة، والحبكة والشخصيات، والعديد من النواحي الفنية، مشيراً إلى خصائص محددة تميز كاتب أدب الأطفال.. وفي ميدان الشعر يتحدث عن أشكاله وأهدافه وموضوعاته وخصائصه.. ويتناول فني القصة والمسرح الذي يتوقف عند نشأته، لما فيه من خصوصية، مبيناً طرائق الكتابة والتوجه والأهداف..
العدد 1118 – 1-11-2022

آخر الأخبار
لماذا يترقب لبنان نتائج زيارة الرئيس الشرع إلى "البيت الأبيض"؟ "تجارة حلب" تبحث تحديات قطاع المواد الكيماوية للأدوية ومواد التجميل بعد ارتفاع تعرفة الكهرباء.. المنتج المحلي عاجز عن منافسة المستورد ازدحام السيارات يهدد هوية دمشق القديمة ويقضم ذاكرة المكان فوضى ارتفاع الأسعار مستمرة.. حبزه: التجار يسعرون عبر الواتس آب مستشفى جبلة الوطني.. خدمات مستمرة على الرغم من الصعوبات "مغارة جوعيت" جمال فريد لم يلتفت إليه أحد! الرئيس الشرع يلتقي ترامب في "البيت الأبيض" في هذا التوقيت.. تفاصيل اللقاء ما علاقة زيارة الشرع لـ "البيت الأبيض" بإطلاق العملة السورية الجديدة؟ الزراعة في حلب.. تحديات الواقع وآفاق الاستثمار الواعد الشرع وفيدان في واشنطن.. زيارة ثنائية متزامنة بنفس التوقيت إزالة "الفيميه" .. تعيد الجدل في شوارع حلب حين تفقد الكهرباء عقلها..معركة الطاقة تبدأ من الإدارة تمويل خليجي وخبرة روسية يعيد إحياء الطاقة في سوريا اتفاقيات الحبتور في سوريا نقلة نوعية نحو اقتصاد المستقبل معاون وزير الاقتصاد: وحدات تعبئة المياه تربح 20 مليار ليرة زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن.. بوابة لإعادة الإعمار والاستقرار الاقتصادي 70 بالمئة من زيوت السيارات مغشوشة إلغاء قانون قيصر.. بداية بناء المستقبل الاستثماري الصحة تفتح أبوابها لكفاءاتها و"منظمة الهجرة " شريك في العودة