ثورة أون لاين:
أبهرت الدبلوماسية السورية بأدائها العالي الهادئ الرصين العالم، أجمع، وكانت تواكب انتصارات جيش سوريا الوطني الميدانية، وتخوض الحروب الدبلوماسية الأشرس على جبهات الأمم المتحدة والمنابر الدولية، وكما كان هناك أسماء لمعارك ومواجهات عسكرية فاصلة كالقصير، والقلمون، ويبرود وقلعة الحصن …إلخ، أحدثت تحولات حادة على المسار العسكري، كان هناك أيضاً أسماء لمنازلات دبلوماسية فاصلة وحاسمة في نيويورك، وجنيف، ودمشق، وعمان، أحدثت، هي الأخرى، تحولات هامة وحاسمة على المسار السياسي والدبلوماسي للحرب. ففي الوقت الذي كان فيه السفير السوري الدائم لسوريا في الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري "يفصفص" الحقبة الاستعمارية لفرنسا، ويعرّي تاريخها الأسود المشين، ويعدد جرائمها الكثيرة ضد البشرية، كان الدكتور بهجت سليمان قد جعل من السفارة السورية في عـَمـّان، الأردن، خلية نحل حقيقية، تستقطب سوريين كثر في ذاك البلد، استعداداً للاستحقاق الرئاسي المزمع انطلاقه، كمرحلة أولى، خارج سوريا، وفي سفاراتها المنتشرة حول العالم، يوم الأربعاء 28/05/ 2014.
لقد كان الدبلوماسيون السوريون، وفي جميع أماكن تواجدهم، وعلى مدى أربعين شهراً تقريباً من عمر الحرب البربرية الصهيو-وهابية على سوريا، جنوداً حقيقيين يتصدون لآلة الغدر والتشويه والتضليل التي تنال من سوريا وشعبها، وتزييف كل ما يحصل فيها. ومن هنا لم يكن من المستبعد، والحال، أن يتعرض رجال هذه الدبلوماسية الأفذاذ لشتى أنواع الإجراءات المستهجنة والخارجة حقيقة عن كافة الأعراف والتقاليد الدبلوماسية المتعارف عليها دولياً، وتبدو قسوة وشدة تلك الإجراءات بحجم الهزائم المنكرة التي تتعرض لها "الأدوات" في الميدان، وتوازي الجهد الخارق الذي سببته هذه الدبلوماسية لأطراف العدوان من مكابدة، وتعب وعناء، وصداع.
فقد كانت تلك العرقلة لرحلة الوفد الدبلوماسي السوري إلى جنيف2، في مطار أثينا اليونانية، ذروة انحطاط "الغرب المتحضر" وخروجه عن كل آداب الكياسة الدبلوماسية، والعلاقات بين الدول، وبدا وكأنه يتصرف كعصابة من القراصنة، وخاطفي طائرات، ومجرد إرهابيين يعترضون طائرات مدنية، ويمنعونها من السفر والتحليق ويبتزون ركابها ويعرضونهم لشتى أنواع التهديد، طائرة كان على متنها رئيس الدبلوماسية السورية الأستاذ وليد المعلم، وربما كان "القراصنة" يتنبؤزن، مسبقاً، برده المزلزل الذي تجلى بتلك الكلمة التاريخية التي لا تنسى والتي أوقعت "المستر كيري"، أرضاً في افتتاح جنيف2 في مونترو السويسرية يوم 22/01/ 2014.
ولا بد، ها هنا، والحال، من التعريج على ما تعرض، ويتعرض له الدكتور بشار الجعفري، وفي مخالفة صريحة وواضحة، للعلاقات البينية بين الدول، والأعراف الدبلوماسية، من إجراءات مجحفة، وجائرة لا تليق بالمضيف، وليس على الضيف حرج، بحيث فرضت عليه "حصاراً" وشبه إقامة محدودة، ومنعت السلطات الأمريكية "الديمقراطية"، جداً، تحركه إلا في نطاق دائرة قطرها أربعون كيلومتراً خارج نيويورك، في تعبير صارخ عن مدى انزعاج، وغضب، وحنق الإدارة الأمريكية، من الأداء العالي والرفيع للدكتور الجعفري في مواجهته لآلة الحرب الأطلسية-التركية-الخليجية، وفضحها وإسقاطها أرضاً، أيضاً.
وكما يتصرف التابع والعبد الذليل، مقتفياً أثر أسياده حين أغلقوا البعثات الدبلوماسية الرسمية السورية في واشنطن والقنصليات السورية في المدن الأمريكية، قامت "إمارة شرق الأردن"، بإجراء غير لائق، وغير مستحب حينما أقدمت على إبعاد السفير الدكتور بهجت سليمان، واعتباره شخصاً غير مرغوب فيه، كرد على النشاط والاستعداد الكبير الذي بذله السفير من أجل تثمير العملية السياسية وإجراء الانتخابات الرئاسية السورية، وإخراجها على أحسن وجه، في الوقت الذي وردت فيه تقارير عن استعداد، وحماس جارف لنسب عالية بين السوريين المقيمين في المملكة للمشاركة الفعالة في الاستحقاق الوطني السياسي الذي يطوي واحدة من أهم وأشق مراحل الحرب الكونية على سوريا.
حين تصبح الدبلوماسية جيشاً، ولها "جنرالاتها" وقوتها الضاربة، و"جنودها" البواسل ومعاركها التي لا تقل تأثيراً عن معارك الجيوش في الميدان، وتحقق الانتصار تلو الانتصار، وتنجز نفس ما يحققه ذاك الجيش البطل العملاق من انتصارات وتنزال للهزائم الماحقة بالأعداء، فلا بد، عندها، من إعلان الحرب عليها في كل مكان، وبشتى الأشكال والأدوات، وهذا ما كان من أثيناً، لواشنطون، ونيويورك، والإمارات….. وليس انتهاء بعمان
ثورة أون لاين – نضال نعيسة