تحولات موضوع “المرأة” في التشكيل السوري المعاصر

الثورة – أديب مخزوم:
موضوع المرأة أحد أكثر المواضيع التي طرحت في الفن التشكيلي السوري، منذ بدايات ظهور الانطباعية السورية وإلى اليوم، مع استمرارية التأكيد على الملامح والأزياء المحلية والعربية، وبذلك حافظت تلك الأعمال على خصائصها الجمالية والشعبية، رغم اتجاه أكثرية رواد الحداثة التشكيلية، في مراحل لاحقة، نحو التلخيص والتحوير في معالجة الوجوه والعناصرالأنثوية، وبقيت خلفيات تلك الأعمال، مرتبطة بتراث المنطقة التي تعيش فيها المرأة العربية، وبخصوصيات العمارة المحلية وبجماليات الطبيعة والريف السوري.
فمع ولادة الانطباعية السورية في العشرينات والثلاثينات والأربعينات برزت عناصر المرأة عبر لمسات اللون العفوي المتحول مع ضوء المكان، ولقد وصلت الأعمال الهامة إلى ضفاف الصياغات التعبيرية العصرية، وشكلت بعض الأعمال الأخرى، عودة إلى التشكيل الانطباعي، الذي يعتمد على التقاط لمسات الضوء المباشرة التي تغمر الشكل المرسوم، كما اتجهت بعض الأعمال من الصياغة الواقعية المباشرة والخطابية، إلى بعض الاتجاهات الخيالية والرمزية مروراً ببعض الإيحاءات والرؤى السوريالية، وكل المدارس الفنية الحديثة.
وأبرزت لوحات ومنحوتات ومحفورات فنانينا، دور المرأة في بناء الوطن وعلاقتها بحركة التطور، مع المحافظة على مفهومنا كمجتمع شرقي محافظ لمعنى تحرر المرأة، فالمرأة في البلدان العربية لا تتحرر من أجل التحرر فحسب، بل تكافح كي لا تكون مقيدة وبعيدة ومغيبة، عن القيام بدور فاعل وفعَّال في مجتمعها.


كما استعادت بعض الأعمال الصور المشرقة للمرأة السورية في الماضي والحاضر معاً، وجاءت تلك الأعمال ضمن خطوات المساهمة في حث المرأة العربية على إحياء مجدها وماضيها الأسطوري من جديد.
وكانت المرأة حاضرة “كموديل” منذ البداية في أعمال العديد من الفنانين التشكيليين السوريين، و هنا نتحدث عن الموديل الحي، الذي يؤكد قدرة الفنان على التحكم باللوحة، وتحقيق عناصر الشبه في ملامح الوجوه، وإظهار عمق الحالة النفسية  في تعابير العيون، والفنان يجب أن يمنح الموديل الحي، تجلياته المتجددة وزمنه المعاصر، ويميل نحو الأمانة في التقاط درجات الشبه بين الرسم والحقيقة، والإدراك هنا يجب أن ينبع من الداخل، بعفوية وجرأة، تتميز بالبحث عن فضاء جمالي، يوازن في إيقاعاته ما بين معطيات الصياغة الأكاديمية والواقعية، ويدمج بينهما للوصول إلى حالة الدهشة والإقناع.
كما يجب على رسام البورتريه أن يعمل على تجديده، عبر الممارسة المستمرة، ومن خلال البحث عن صياغة جديدة، وأن يتجه دائماً نحو إضفاء العفوية والمزيد من الحرية والابتكار والرؤى الاسلوبية الخاصة، ويمتلك القدرة على تأكيد حضور القواعد الثابتة، المعتمدة داخل أروقة المحترفات الأكاديمية.


فالفنان يتأمل الموديل ويدرس تقاطيع الوجه وخصوصياته، ثم يسقطه على قماش اللوحة، بنسبه ومقاييسه وأبعاده الحقيقية والصحيحة، لأن الرسم هنا أكاديمي وله قواعده المعروفة والثابتة، وهذا لايعني أن الفنان غير مطالب بإضفاء خصوصيته الأسلوبية على لوحة البورترية، وبذلك يشكل الموديل في أعمال الفنان الحقيقي، مدخلاً جديداً وقادراً على التعبير عن تقلبات وتموجات الأحاسيس والمشاعر الداخلية العميقة، مثلما يعبِّر عن الإشارات الخارجية لوجه المرأة.
والفن الأكاديمي بهذا المعنى يصبح قادراً على احتواء التقنيات اللونية الحديثة، وقد يمنح الفنان البورتريه حركة حية مقروءة في وجوه أنثوية تتميز بنظرة لا نهائية غارقة في الفراغ والصمت والتفاؤل، وقد تثير التساؤل عبر دلالات ملامحها الساكنة ووضعية أياديها المتعبة.
وهذا يعني أن الفنان قادر حتى في الرسم الأكاديمي، على إيجاد نقاط الارتكاز والانطلاق، في اختباراته اليومية والتواصل مع خطه الأسلوبي، واستخدام اللون بتجاوزاته المختلفة، والانتقال من الصياغة الأكاديمية التقليدية، إلى الصياغة الأكاديمية المتحررة والعفوية والخاصة.
وتجارب بعض الفنانين السوريين، من مختلف الأجيال تمتاز بصياغة رائدة، في مجال رسم البورتريه، وإضفاء اللمسة الفنية الماهرة، والأداء الأكاديمي المتحرر والمتقن، وهذا التحرر يبعد التجربة مسافات عن القيود والقواعد المدرسية الجامدة، و يقدم خلاصة البحوث التشكيلية والتقنية والأسلوبية، بلغة أكاديمية قريبة من روح وثقافة فنون العصر.

آخر الأخبار
صيانة 300 مقعد دراسي في مدرسة المتفوقين بحمص معالجة التعديات على عقارات المهجرين.. حلب تُفعّل لجنة "الغصب البيّن" لجنة فنية تكشف على مستودعات بترول حماة الشمس اليوم ولاحقاً الرياح.. الطاقات المستدامة والنظيفة في دائرة الاستثمار صياغة جديدة لقانون جديد للخدمة المدنية ..  خطوة مهمة  لإصلاح وظيفي جذري أكثر شفافية "الشباب السوري ومستقبل العمل".. حوار تفاعلي في جامعة اللاذقية مناقشات الجهاز المركزي مع البنك الدولي.. اعتماد أدوات التدقيق الرقمي وتقييم SAI-PMF هكذا تُدار الامتحانات.. تصحيح موحّد.. وعدالة مضمونة حلاق لـ "الثورة": سلالم التصحيح ضمانة للعدالة التعليمية وجودة التقييم "أطباء بلا حدود" تبحث الواقع الصحي في درعا نهضة جديدة..إقبال على مقاسم صناعية بالشيخ نجار وزير الخارجية اللبناني: رفع العقوبات عن سوريا يساعدها بتسريع الإعمار ترميم قلعة حلب وحفظ تاريخها العريق محافظ درعا يتفقد امتحانات المعهد الفندقي "الطوارئ والكوارث": أكثر من 1500 حريق و50 فريق إطفاء على خطوط المواجهة دول الخليج تتوحد في تقديم المساعدة والاستثمار في سوريا واشنطن تتحدث عن السلام.. هل يلتزم الاحتلال الإسرائيلي بوقف اعتداءاته؟ سوريا تطلق إصلاحات السوق لجذب المزيد من الاستثمارات وتحفيز إعادة الإعمار نقابة المهندسين الأردنيين: إعمار سوريا استحقاق يتطلب تضافر الجهود عربياً ودولياً بين الحصار والانفراج.. هل تفتح المصارف السورية أبواب العالم؟