في تناوله والحديث عنه تحت عناوين عدة، كثرت الاجتماعات والأحاديث حوله مؤخراً كونه ضرورة، وهناك حاجة ملحة لتطويره وإيجاد منهج ورؤى متطورة لمختلف تفاصيله، تواكب العديد من المستجدات والمتغيرات المتلاحقة، في ضوء الحاجة الماسة للاستفادة مما قد ينتج عن هذا التطوير من جدوى وفائدة متوقعة لجميع الشركاء المعنيين بالأمر، والشرائح المجتمعية كافة.
فسوق العمل في سورية وبإجماع كثيرين مختصين وغير مختصين فيه يعاني من الاختلالات والفوضى، وعشوائية العرض والطلب في طرح فرص العمل، حيث صعوبة الحصول على عمل بات بشق الأنفس للباحثين عنه، لاسيما للشباب وحتى من ذوي الكفاءات والخبرات، وخريجي الجامعات والاختصاصات الدراسية في مجالات متعددة، كون العمل المصدر المهم لتوليد الدخل المادي بشكل عام.
وزاد من تحديات هذا السوق ماتعرض له خلال سنوات الحرب من التخريب الممنهج، وتدمير البنى التحتية وسرقة المصانع وورشات الإنتاج، وازدياد البطالة ومشاكل النمو الاقتصادي وغير ذلك، إضافة لإشكالية كبيرة تزامنت مع هذه التحديات، وتركزت في غياب استراتيجيات وسياسات واضحة، بما يتعلق بالتوظيف وتأمين فرص عمل مناسبة تحقق أكبر قدر من المواءمة بين طالبي العمل واحتياجات سوق العمل.
كما أن انعدام قواعد البيانات الدقيقة حول واقع سوق العمل ولجميع الجهات المرتبطة بالسوق، على أهمية هذه القواعد يعد أيضاً إشكالية كبيرة، نظراً لما يمكن أن تحدثه هذه البيانات من فائدة سواء لجهة العرض والطلب لتخصصات العمل، أو لجهة العمل وأصحاب العمل أو بما يخص متخذي القرار وراسمي سياسات التشغيل والتدريب والتعليم.
إذ يعد مشروع منصة نظام معلومات سوق العمل الذي يتم العمل عليه حالياً غاية في الأهمية، وانطلاقه سيساهم في خلق سوق عمل نشط ومنضبط وفاعل، ويمتلك بيانات دقيقة للاستفادة منها في تحقيق أهداف خطة سورية حتى العام ٢٠٣٠.
وكونه يعد مشروعاً وطنياً بامتياز ونافذة واحدة تعنى بجميع تفاصيل سوق العمل والخدمات المتعلقة به لابد وأن يتطلب المزيد من النقاش وإبداء المقترحات بشأنه، بإشراف مختلف الجهات والقطاعات بما فيها القطاع الخاص والأهلي، وغيره للاستفادة منها في تجويد النموذج والإضافة عليه بما يحقق أكبر فائدة لجميع الأطراف المعنية بالعمل.