الثورة:
مع قفزات الحداثة وما يسمى ما بعد الحداثة في الشعر والنثر نمت وظهرت فنون جديدة في السرد والشعر وكان لابد للنقاد العرب من متابعتها والحديث عنها وهذا ما يقوم عليه كتاب “محمد صابر عبيد” بعنوان ” التشكيل السّرْد – درامي، مقاربة جمالية في روايات إنعام كجه جي”، بغلاف للفنَّان
يقع الكتاب في 264 صفحة، وتضمن مقدمة ومدخلاً وأربعة فصول وخاتمة، على النحو التالي:
المقدمة. المدخل: -مفهوم التشكيل، -علاقة السرد بالدراما، – دراميّة العنونة الروائية. الفصل الأول: اللغة الروائية السرد-درامية، حركيّة الأفعال الروائية، حركة التعبير الروائي، حركيّة المشهد الروائي. الفصل الثاني: الصراع السرد – درامي، صراع الموقف الروائي، صراع الحدث الروائي، صراع الفكر الروائي. الفصل الثالث: الشخصيّة السرد – دراميّة، الشخصية المحورية الروائية، الشخصية الأنثوية الروائية، الشخصية الثانوية الروائية. الفصل الرابع: الوصف السرد – درامي، الوصف المكاني الروائي، الوصف التفاصيلي الروائي، الوصف الزمني الروائي. الخاتمة: “سرديّة الشتات”.
يشتغل الكتاب على تجربة الروائيّة العراقيّة إنعام كجه جي التي تمثل صورة ثريّة بالغة الأثر لتجسيد العلاقة بين السرد والدراما على صعيد اللغة الروائيّة، والمشهد الروائيّ، والصورة الروائيّة، والحراك الروائيّ العام، وقد يتحقّق ذلك في مفاصل متعدّدة كثيرة أخرى من الطبقات والمستويات والفضاءات والفعاليّات والأدوات والأهداف.
وربّما تكون تجربتها الصحفيّة الثريّة السابقة كثيراً على تجربتها الروائيّة من السعة والعمق والحيويّة ما يجعلها تمثّل محطّة رئيسة ذات تأثير مهمّ في هذه العلاقة، وقد انغرست في مساحات وفعاليّات واضحة من عملها الروائيّ داخل الرؤية والمقصد والمقولة المركزيّة التي تحملها قضيّتها الروائيّة بقصديّة ووضوح.
تتفاعل تجربة إنعام كجه جي الروائيّة على هذا النحو مع الواقع المرجعيّ “الحقيقيّ” بأشكاله وتجلّياته كافّة تعاملاً حيّاً وحيويّاً شديد النشاط والإحاطة، يرمي إلى استثمار طاقات هذا الواقع في أدقّ تفاصيله وحيثيّاته وقضاياه لأجل تمثيله روائيّاً، فهي في المقام الأوّل على المستوى الشخصيّ المهنيّ “صحفيّة”؛ ترصد الشأن الإنسانيّ الواقعيّ بكثير من الحساسيّة النوعيّة المتعاطفة مع قضايا الواقع والمجتمع والمرأة والحياة الحسيّة، لكنها في النشاط الروائيّ ذي التشكيل الإبداعيّ المختلف تماماً في جوهره الكتابيّ التمثيليّ للواقع هي غيرها تماماً في النشاط الصحفيّ.
تتّخذ كجه جي من “الواقع في درجة الصفر” عتبة أساسيّة للانتقال من الفضاء الصحفيّ الميدانيّ إلى الفضاء الروائيّ التخييليّ، عن طريق استخدام شبكة من الوسائط الأسلوبيّة المناسبة والضروريّة والفاعلة تسهم في تفعيل الهاجس الذاتيّ الخاصّ، ضمن شبكة من الآليّات التشكيليّة الروائيّة المُتعارَف عليها سرديّاً: مثل تنوير الفضاءات، وتحابك الأزمنة، وتشعير الأمكنة، وإعادة إنتاج الشخصيّات على نحو مغاير، فضلاً على استثمار الطبقات الجوّانيّة للواقع الشعبيّ في طرافته وتجلّيه الإنسانيّ العميق، بما يضمن حضور المحكي الواقعيّ بقوّته السرد-دراميّة داخل جوهر المحكي التخييليّ.
يحاول الكتاب أن يقف على كل هذه الفضاءات الروائية في روايات إنعام كجه جي بجهد نقديّ تحليلي وتأويلي، يستوعب أهم محطّات التركيب الأسلوبيّ في لغة الرواية وصنعتها وقدرتها على بناء نص سرديّ متميّز، في محاولة للكشف عن الخصوصية الأسلوبية والتعبيرية في رواياتها على مستوى الرؤية والفكرة والمقولة السردية.