لم يبق صقع في الأرض منذ أن كان السوريون إلا وجابوه حاملين إليه العمل والأمل.
بعضهم كان يحزم أمتعته ويمضي مكتشفاً ما في العالم…وآخرون كان الوضع الاقتصادي سبباً لهجرتهم كما في مطلع القرن العشرين حيث دق السوريون سواحل العالم الجديد وشكلوا هناك ظاهرة فريدة في العمل والفكر، وكان ما يسمى الأدب المهجري..
ومع أنهم حققوا النجاحات المتميزة حيث استقروا في أميركا الشمالية أو الجنوبية..
لكنهم دائماً كانوا مشددين بخيط الحنين وأمل العودة إلى الوطن ليكونوا معه في البناء والإعمار.
ومن طرائف ما يروى في قريتنا (بيت العلوني) أن مجموعة من الرجال اتفقوا على الهجرة في مطلع القرن العشرين وحين وصلوا إلى بعد عدة كيلو مترات من القرية.
وقف أحدهم وصاح بصوت عال: (الغربة مضيعة الإصايل) وعاد إدراجه إلى القرية.
تابع من كان معه سفرهم نحو المجهول فلم يكنزوا ذهباً ولا فضة بل تاهوا في مجاهل العالم الجديد(لا حس ولا خبر عنهم)، أين مضوا وكيف قضوا وماذا حققوا لا أحد يدري…
اليوم نشهد موجات هجرة ولاسيما من الشباب.. نعرف أن الأمور ضاقت بنا وبهم واتسعت على غيرهم..شبابنا بناة الوطن اليوم والغد تقرأ الأسى في وجوههم ترتسم ملامح الأسئلة المرّة.. لماذا علي أن أهاجر وأترك أهلي ووطني وأواجه مجهولاً..لماذا لا أعمل في بلدي.. لماذا لا تتحرك الجهات والمؤسسات المعنية لقراءة هذا الواقع والعمل على تذليل المصاعب التي تعترض جيل الشباب.
لا يريدون دروباً معبدة بالورود، ولكن على الأقل ألا تكون ملبدة إلى ما لا نهاية بالشوك مزروعة بالإحباط .. لابد من استراتيجيات ترسم ملامح الغد تشد شبابنا إلى هذا الوطن..نعم نثق انهم سوف يؤوبون يوما ما مهما طالت الغربة ولكن ماذا في جراح قلوبهم الممزقة ..ليكن الوطن أولا وأولاً..وصدق من قال:
لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها لكن أخلاق الرجال تضيق..