غصون سليمان:
كتب الكثير عن أهمية الدعم النفسي لمختلف شرائح المجتمع، وخاصة الأطفال واليافعين وكبار السن أثناء كارثة الزلزال، ولكن ماهي خطوات التعامل مع صدمة مابعد الكارثة وقد مرّعليها أكثر من أربعين يوماً ..
يؤكد الأطباء الاختصاصيون بالدعم النفسي والمرشدين الاجتماعيين والنفسيين أن الإسعاف النفسي يبدأ من الدقيقة الأولى لعمر ثلاثة أشهر من الحدث الصادم، وقد لا يكون الداعم النفسي أو المسعف النفسي متواجد دائماً بأماكن الأحداث لذلك ينصح بالتوجه لأولياء الأمور الموجودين في مساحة الأحداث للمساهمة بدعم الأطفال والمراهقين لطالما يتمتع البالغون ممن لديهم الصلابة النفسية والثبات الانفعالي، والقدرة على المحاكمة العقلية لما حصل.
وفي متابعة لحديث الدكتور حسام الشحادة المختص بالدعم النفسي في فترات الكوارث الطبيعية والمصطنعة ،يلحظ كيف أن الأطفال والمراهقين يحاولون التعبيرعن ألمهم وخوفهم بشتى الوسائل من بكاء ونحيب حتى ولو أصبح لديهم اضطرابات النطق أو التلعثم وغيره، ونحن كداعمين يجب ألا نمنع هؤلاء من البكاء ولا نقل لهم “اسكتوا”.
ولفت أنه بعد الإسعافات الطبية يأتي دور الإسعاف النفسي من خلال احتضان الطفل أي تركه يبكي على كتفنا وصدرنا ويعبّر عما رآه ..ولا مانع أن نسأله عما شاهده من منظر دماء،أشلاء متقطّعة بحيث يعبّرعنها كما يريد ذكره، لأن الغاية هو ألا تصل هذه الصورة أو تحفظ بالمستوى الأول على أن يبقى واعياً لهذا الأمر، كي لاتتحول إلى خبرة وتجربة سابقة مرّ بها، لكننا لا نسمح لها كتجربة مؤلمة أن تصبح على مستوى اللاوعي ،ويشير الدكتور الشحادة إلى أهمية أن يسمح للطفل والمراهق وغيره أن يفرغ انفعاله سواء بالكلام أو بالرسم، لذلك من أهم خطوات المعالجة كما ذكر آنفا الإسعافات الجسدية، والعاطفية وعدم منعه من البكاء وتحريضه على التفريغ العاطفي.
فيما التفريغ الانفعالي يمكن أن يكون بشكل مباشر شفهياً أو بالرسم والألوان ولغة الجسد، ويمكن أن يكون الطفل والمراهق لديه شخصية مركبة من نوع معين يمانع بالبوح،وهنا يمكن أن نطلب منه أو نراقبه، وفق وسائل اكتشاف المشكلة المتعددة، أما بالتفريغ المباشر، أوأحياناً من خلال ملاحظات يقوم بها الداعم النفسي بشكل عام ،أو ملاحظة يجمعها من الأهل أو من استبيانات معينة وممكن من خلال كاميرات المراقبة الموجودة اذا كانت متوفرة في مراكز الإيواء ،حيث تتم مراقبة سلوكه، تصرفاته، تحصيله الدراسي،لنرى تفاعله الاجتماعي مع الأقران الآخرين الذين هم من نفس عمره الزمني والعقلي ،لرصد بعض الملاحظات التي أخذها ربما من المعلم بالنسبة لتحصيله العلمي أو من سؤال الأقران .
ونحن كداعمين نفسيين يقول الدكتور الشحادة إذا رأينا أنه هو قادر على التفريغ الانفعالي نستعين حينها بالأب أو الأم أو الأخ البالغ والأخت البالغة أو أحد الأصدقاء المقربين حتى نصل إلى مستوى المشكلة ونبني على مستوى الوعي، فعندما نجعل أو نبقي الخبرة المؤلمة على مستوى الوعي لا تتحول حينها إلى كابوس وسلوكيات أخرى ترافقه قد تؤذي الذات والآخرين .
أعراض الصدمة
وعن أعراض الصدمات النفسية ذكر الدكتور الشحادة أنه يمكن حدوث هيجانات مفاجئة وسلوك عدواني قد يكون لفظياً أو جسدياً على الذات وعلى الآخرين ،وقد يكون غير مباشر من خلال تحطيم الأشياء ليظهر للآخرين أنه يريد تفريغ طاقة معينة وهذه تحصل عندما يتعرض الشخص لصدمة ولا يجد من يفرغ له انفعالاته فيحاول كسر كأس -على سبيل المثال لا الحصر- أو رمي أي شيء معين للفت الانتباه أو للتفريغ عن أمر معين ، وذكرى مؤلمة موجودة لديه، وبالتالي من خلال هذه الملاحظات والسلوكيات وإن كانت قد تراجعت إلى مستويات معينة فهنا يأتي دور الداعم النفسي سواء الأب،الأم، الأخ والأخت البالغين بتحريض أو تشجيع الضحية سواء كان طفلاً أو مراهقاً على تفريغ مكنوناته الداخلية ليصبح فقط عند مستوى الوعي .