أديب مخزوم:
عندما رحل الفنان الكبير عمر خورشيد ( الملقب بملك الجيتار ) في 29 أيار / مايو 1981 خسرت الفرقة الماسية، التي كان يقودها أحمد فؤاد حسن، ويغني على أنغامها كبار المطربين والمطربات واحداً من أبرز عازفيها، وبداية نشير أن للموسيقار الكبير الراحل محمد سلطان فضلاً كبيراً على عمر خورشيد وعلى مجدي الحسيني ( أشهر عازف أورغ ) فهو الذي أتى بهما إلى الفرقة الماسية، بعد أن سمع عزفهما في أحد المطاعم، ولقد لمع نجمه، في عصر الغناء الذهبي، وفرض نفسه، رغم حياته القصيرة، بين كبار الموسيقيين العرب في القرن العشرين، ولهذا استحق لقب ملك الجيتار بلا منازع.
حكاية بدايات اهتمام عمر خورشيد بآلة الجيتار، تعود لمرحلة فتوته، حين كان يشاهد على الشاشة ( ملك الروك أندرول الفيس بريسلي ) يغني ويعزف على الجيتار، في حفلاته العامة أمام الجمهور، ولقد شكل عزفه في أغنية (دارت الأيام ) لأم كلثوم التي لحنها محمد عبد الوهاب نقلة نوعية في مسيرته الفنية كعازف جيتار لايبارى، بعد أن قدم عزف ( صولو جيتار) على إيقاع “الفالس” قبل مقطع وصفولي الصبر، ونال المقطع تصفيقاً كبيراً من الجمهور، الشيء الذي جعله يشعر بزهوة وفرحة الانتصار والنجاح الكبير، ولقد روى تفاصيل أول تعامل له مع أم كُلثوم وفريد الاطرش وعبد الحليم حافظ وغيرهم، وقال في لقاء مع الفنان سمير صبري ( موجود على اليوتيوب ) بأنه قبل الوقوف على المسرح لأول مرة فى حفل لأم كلثوم كان مرعوباً، ولقد تناول بعض الحبوب المهدئة، بعد ذلك أصبح كبار الملحنين والموزعين الموسيقيين يخصصون له كثيراً من تنويعات العزف على الجيتار ( صولو ) ضمن أغاني كبار المطربين والمطربات.
ولقد كان عازفاً أساسياً في حفلات العندليب عبد الحليم حافظ، ضمن الفرقة الماسية، وحين نسمع تقديم العندليب لأعضاء الفرقة، في مستهل حفل ( موعود ) يعلو تصفيق الجمهور حين يقول عبد الحليم: عمر خورشيد على الجيتار، كما تألق في صولوهات عزفه بأغنية ( زي الهوى ) وفي العديد من الحفلات الحية مع الجمهور.
لغة إحساس الجماهير
وإذا كان فريد الأطرش قد جعل من آلة العود لغة إحساس الإنسان العربي، فإن خورشيد جعل من الجيتار ( العادي والكهربائي ) لغة إحساس الجماهير، لدرجة أن كبار المطربين والمطربات كانوا يفاخرون، أن عمر خورشيد ملك الجيتار يعزف خلفهم في حفلاتهم العامة، وكان الجمهور يصفق له خلال تقديم وصلات ( صولو ) ويطلب منه الإعادة، وهذا ماحدث في إحدى حفلات فايزه أحمد، التي أدت فيها أغنية ( طول ما انت في العالي أو بالي معاك ) وقدم فيها وصلة عزف منفرد، من روائعه، ولقد طلب الجمهور إعادة عزفها ثلاث مرات.
وظهر لأول مرة في فيلم ( ابنتي العزيزة ) من إخراج حلمي رفلة وبطولة نجاة الصغيرة ورشدي أباظة، وكانت أول بطولة مطلقة له في فيلم ( جيتار الحب ) عام 1971 أمام صباح وجورجينا رزق ملكة جمال الكون.
والموسيقا التصويرية التى كان يضعها لعدد كبير من الأفلام السينمائية زادت من رصيده ونجاحه وعبقريته الفذة التي لاتتكرر، وكانت فى السابق تعتمد على بعض المقاطع المستعادة من الألحان الأجنبية، معتبراً أن أهم موسيقا تصويرية قام بتأليفها كانت في فيلم ( أين عقلي ).
هو من مواليد القاهرة في 9 نيسان / أبريل 1945 وينتمي لأسرة فنية عريقة، فوالده أحمد كان مدير تصوير سينمائي، وكانت تربطه علاقات عديدة مع كبار نجوم السينما والكتاب والأدباء و الموسيقيين .. أما والدته فكانت من سيدات المجتمع، وقد انفصلت عن والده وهو في سن مبكرة.
لقد استعاد بعض كنوز التراث الموسيقي الذي تركه عباقرة النغم في القرن العشرين، ومن معزوفاته في هذا الإطار ( أول همسة، والربيع، وبنادي عليك، لموسيقار الأزمان فريد الأطرش ) وغيرها كثير جدً من أشهر الألحان العربية والأجنبية، التي سجلها على أوتار جيتاره الساحر( ومن ضمنها زوربا اليونانية) ويذكر أن حياته انتهت بحادث سير مأساوي غامض، لايزال يطرح تكهنات وافتراضات واجتهادات، دون الوصول إلى الحقيقة، تماماً كحادث رحيل المطربة الكبيرة أسمهان .