تعليم مجاني على البطاقة التموينية

لم يعد ممكنا تجاهل وضع التعليم قبل المرحلة الجامعية ،فقد وصل التعليم المجاني إلى حالة تشبه توزيع المواد المدعومة على البطاقة التموينية (سكر _زيت _رز ) يعني تراجعت المخصصات من شهرية إلى ربعية ومن ثم كل ستة أشهر مرة وحاليا يتم التبشير بالإلغاء الدائم ، والتعليم المجاني لدينا وصل مرحلة صعبة ، ولولا إيمان السوريين بالتعليم لكنا في مكان آخر.
موضوع تطوير المناهج وأساليب التدريس أعطت نتائج عكسية ، ففي الوقت الذي ذهبنا فيه إلى اعتماد الوسائل والتقنيات في التعليم فقدنا كل شيء حتى الأبنية أصبحت في حالة سيئة، والسؤال كيف نطبق مناهج حديثة بغياب الوسائل والأدوات ( لا مخابر ،لا كهرباء ،لا حواسب ،لا نت ،لا مكتبات ) ؟ وهل يُمكن الذهاب إلى تعميم أحدث الأساليب كالتعليم الافتراضي والذكاء الصناعي وغير ذلك بناء لتوفر  مقوماتها في ثلاث أو أربع مدارس في كل محافظة  فيما ٩٩ % من المدارس لا تمتلك أي مقومات حتى اللوجستية كمياه الشرب والحمامات؟  .
خصخصة التعليم أصبحت واقعا حقيقيا ، ليس في المدارس الخاصة ،بل لدى كل السوريين،  والمُطمئن في الأمر هو إيمان السوريين بالتعليم  وبالمطلق أكبر استثمار حاليا في سورية هو في التعليم الخاص  وكل طالب في المدارس العامة والخاصة أيضا يكلف عائلته أكثر من ٨٠ % من دخلها ، وإذا كان من طلاب الشهادتين ، التعليم الأساسي أو الثانوي فإن تكاليفه تعادل دخل هذه العائلات لسنوات و يراكم ديونا وحرمانا يطال حتى الغذاء بأبسط متطلباته لكل أفراد العائلة  .
نظامنا التعليمي ليس بخير، فهو يربط مصير ومستقبل الطالب بسنة دراسية واحدة وامتحان واحد ويستنزف ويهدد حياة عائلته كذلك ، ومن يمرض من الطلاب أو يتعثر لأي ظرف يفقد هو وعائلته سنة كاملة ، وليست حالات الانتحار والمرض والانهيار العصبي إلا نتاجا لهذا الضغط غير المدروس  .
في كل دول العالم يتم توزيع المخاطر باحتساب جهد  الثلاث سنوات الأخيرة  وبعدة اختبارات وليس بامتحان واحد ، وهناك دول تعتمد في القبول الجامعي على عدة مواد فقط ،طالب الطب يخضع لاختبارات في الرياضيات والكيمياء والفيزياء ولغة البلد ، أما طالب الهندسة فيخضع لثلاث مواد فقط ،لغة البلد  والفيزياء والرياضيات  وهكذا ، وعليه نسأل ما هو مبرر  وجود عدد كبير من المواد ؟ ماذا تقدم اللغة الفرنسية لثقافتنا وقطاع الأعمال ؟ وماذا يفيد الطالب بمعرفة القوانين الدولية والمنظمات الاممية وهو لا يعرف شيئا من تاريخ بلده ؟
السوريون تميزوا في كل دول العالم بالاستثمار الخاص للأهل في التعليم ، و  ما كان يأخذه طلابنا في المدارس من تعليم وقيم ومعارف بات مفقودا باعتماد مناهج لا نمتلك أدواتها ، و نظام تعليمي يعتمد الضغط والشد العصبي  وتجميع المخاطر في سنة واحدة وامتحان واحد .
التعليم يحتاج إلى مراجعة وتقييم وإعادة إنتاج من قبل فنيين وتربويين ونفسيين  وتقنيين بعيدا عن القائمين على التعليم حاليا  بشكل كامل ليس تقليلا من شأنهم ولكن لأن عملهم وخبراتهم تراكمية على ما هو قائم  فيما الأمر يحتاج لإنتاج جديد .

إيمان السوريين بالتعليم واستثمارهم به كفيل بجعل سورية من أغنى الدول فيما لو تم إنتاج نظام تعليمي قائم على مناهج غنية بالقيم والمعارف والعلوم يعتمد توزيع المخاطر بعيدا عن الضغط و الاستنزاف ، وسيكون ” لتصدير ” هذه الكفاءات  إلى أهم الشركات العالمية يُمكن أن يحقق عائدا ماديا يفوق أي مورد يمكن أن تحققه الدولة .

معد عيسى

آخر الأخبار
قلعة حلب .. ليلة موعودة تعيد الروح إلى مدينة التاريخ "سيريا بيلد”.  خطوة عملية من خطوات البناء والإعمار قلعة حلب تستعيد ألقها باحتفالية اليوم العالمي للسياحة 240 خريجة من معهد إعداد المدرسين  في حماة افتتاح معرض "بناء سوريا الدولي - سيريا بيلد” سوريا تعود بثقة إلى خارطة السياحة العالمية قاعة محاضرات لمستشفى الزهراء الوطني بحمص 208 ملايين دولار لإدلب، هل تكفي؟.. مدير علاقات الحملة يوضّح تطبيق سوري إلكتروني بمعايير عالمية لوزارة الخارجية السورية  "التربية والتعليم" تطلق النسخة المعدلة من المناهج الدراسية للعام 2025 – 2026 مشاركون في حملة "الوفاء لإدلب": التزام بالمسؤولية المجتمعية وأولوية لإعادة الإعمار معالم  أرواد الأثرية.. حلّة جديدة في يوم السياحة العالمي آلاف خطوط الهاتف في اللاذقية خارج الخدمة متابعة  أعمال تصنيع 5 آلاف مقعد مدرسي في درعا سوريا تشارك في يوم السياحة العالمي في ماليزيا مواطنون من درعا:  عضوية مجلس الشعب تكليف وليست تشريفاً  الخوف.. الحاجز الأكبر أمام الترشح لانتخابات مجلس الشعب  الاحتلال يواصل حرب الإبادة في غزة .. و"أطباء بلا حدود" تُعلِّق عملها في القطاع جمعية "التلاقي".. نموذج لتعزيز الحوار والانتماء الوطني   من طرطوس إلى إدلب.. رحلة وفاء سطّرتها جميلة خضر