يليق بالوردة الشامية أن تتربع في الحدائق الملكية الإيطالية، لتنثر عبقها في أرجاء المكان وتكون جسر سلام يجمع ما بين الثقافات وتؤكد أننا رغم الظروف القاهرة التي تعاني منها بلادنا، مازلنا قادرين ونستطيع أن نمنح الحبّ والجمال إلى شعوب العالم.
الوردة الشامية التي حطّت الرحال في مدينة تورينو، حملت بين بتلاتها رموزاً للتراث السوري العريق، فقد اجتهد بعض الفنانين وبحرفية عالية أن يحمّلوا هذه الوردة جزءاً من تراثنا اللامادي، وإظهار بعض الحرف التقليدية التي اشتهرت بها دمشق” الصدف، النقش على النحاس، صناعة القش، وصناعة الزجاج والرسم عليه، وصناعة البروكار، والخط العربي الذي تتجسد فيه عبقرية الزخرفة العربية.
وبالطبع لم يكن مهرجان” الوردة الشامية من سورية إلى تورينو التي نظمتها المتاحف الملكية في إيطاليا، ليمر مرور الكرام، بل كان مهرجاناً ثقافياً واقتصادياً يعبّرعن أهمية المهن في رفد الاقتصاد الوطني بدخل إضافي، ناهيك عن أهمية هذه الحرف العريقة في ترسيخ الهوية الوطنية والتمسك بالتراث الذي يحاكي حضارتنا التي تعدّ من أعرق الحضارات في العالم.
ولا يختلف اثنان على أن الاستثمار في الثقافة، يشكّل قيمة اقتصادية عالية، وهذا بالطبع يتطلب إحياء هذه المهن الثقافية الهامة ورعايتها وتوفير المناخات المناسبة لازدهارها، لتنمو من جديد في بيئة إيجابية، وخصوصاً أن العالم يتجه في الكثير من تطلعاته إلى إحياء هذه المهن التي تتمتع بقدر كبير من المهنية والاتقان والجمال.
و من الأهمية بمكان إيجاد استراتيجية وطنية لتعزيز اقتصاد الثقافة، واستثمار الأعمال والمهن الإبداعية في بناء اقتصاد تنموي وتحقيق استدامة تساهم في زيادة الدخل القومي، وهذا بالطبع لا يقلل من شأن الثقافة الإبداعية الفكرية، فهي وقبل كلّ شيء تساهم في رفع الوعي والذائقة الفنية والإبداعية، ومن ثم تحمل الدور التنموي والاقتصادي الذي يساهم في الارتقاء بالمستوى المعيشي والذي بات من أولويات الكثير من أفراد المجتمع.
وفي جعبتنا الكثير من الصناعات الثقافية التي يمكن أن تنافس في السوق العالمية وتتفوق.