امتزجت تلك اللحظات التي ما تزال تسكن الذاكرة بمشاعر الفرح والقلق، وقد رافقها الكثير من جهود الإعلاميين الذين آمنوا أن صوت سورية يجب أن ينطلق ليعلن شارة البدء لأول إرسال تلفزيوني سوري، وبخبرات وطنية خالصة في 23 تموز للعام 1960، من أعلى قمة في دمشق، من جبلها الشامخ قاسيون.
“هنا دمشق” كانت الصوت الذي دوى في الأرجاء، ليؤكد دائماً وعبر نبض الكلمة الصادقة أن دمشق وقلبها النابض بالعروبة ستظل تحاكي النجوم في سطوعها، والمجد في عليائه، والنصر في شموخه، فهي التي نبتت من حضارات وأمجاد خالدة، وبطولات سجلت سفراً خالداً في عمق التاريخ، فكان لابد من إعلام يواكب تلك المآثر الحقيقية، ويعلي كلمة الحق عالياً، فجاءت ولادة البث التلفزيوني السوري الذي شكل نقلة نوعية في عالم الإعلام، واستطاع عبر مراحل تطوره أن يشكل نافذة على العالم، وأن يحتل مكانة هامة على الصعيد الإعلامي المحلي والعربي وحتى الدولي.
وليس بعيداً ما قدمه التلفزيون السوري وفي سنوات الحرب على سورية على وجه التحديد، من نقل للحقيقة وفضح مؤامرات العدو والوقوف في وجه أعتى الدول فتكاً بسلاحها الإعلامي ليقول إن صوت الحق يصدح من دمشق.
وما بين اللبنة الأولى في مرحلة التأسيس والريادة، وما وصل إليه التلفزيون العربي السوري اليوم، استطاع العاملون في الشأن الإعلامي أن يسجلوا محطات مضيئة ومشرقة في ثقافة وإعلام سورية إن كان على صعيد النقل الميداني لكل ما يجري من أحداث، أو على صعيد البرامج الثقافية والاجتماعية والتوعوية، أو على الساحة الدرامية التي انتشرت في الأوساط العربية وانتزعت مكانتها التي تليق بالفنان السوري والدراما السورية.
واليوم إذ نحتفي بعيد التلفزيون 63، لابد أن نؤكد على دوره الهام في التصدي لكل ما من شأنه أن يشوه ذائقتنا الثقافية، أو يغزو معتقداتنا وقيمنا، وأن نتوجه للأطفال والشباب ببرامج توعوية تنقذهم من براثن ذاك الإعلام المعادي الذي يحاول أن يستهدفهم في هويتهم وقيمهم وثوابتهم الوطنية.