“المخدرات الرقمية”.. موسيقا خادعة لآذان أبنائنا

الثورة- فردوس دياب:
“المخدرات الرقمية” آفة مجتمعية خطيرة، كونها تنتشر كالنار في الهشيم هذه الأيام بين الأطفال والمراهقين والشباب بعيداً عن أعين الأهل الذين في معظمهم يجهلون ماهية هذه الآفة، فيما يستسهل ما تبقى منهم أخطارها وآثارها النفسية والجسدية والسلوكية على أبنائهم.
هي عبارة عن مقاطع فيديوهات تحمل نوعاً معينا من الموسيقا التي تؤثر تأثيراً عميقاً في نفسية الطفل والمراهق وتجعله يدخل في عالم آخر من الاسترخاء والسكون والانعزال.


إحدى الأمهات لاحظت أن ابنتها في (الصف السادس) تسهر لساعات متأخرة من الليل وتستمع عبر سماعات الآذن إلى موسيقا معينة تجعلها في حالة تامة من السكون والاسترخاء، وعندما حاولت تغيير هذه الحالة اصطدمت بشراسة وعنف وإصرار ابنتها على مواصلة هذا السلوك الغريب، وعندما تحدثت إلى إحدى جاراتها عن سلوك ابنتها، فاجأتها بالقول، إن ابنتها مدمنة لهذا النوع من “المخدرات الرقمية” وأن عليها الإسراع بمعالجتها قبل أن تتطور الأمور إلى أكثر من ذلك.
ماهيتها
لتسليط الضوء أكثر على هذه النوع الخطيرمن المخدرات، التقت “الثورة” الدكتورة منى كشيك رئيسة قسم أصول التربية بكلية التربية في جامعة دمشق، التي بدأت حديثها بتعريف “المخدرات الرقمية” على أنها عبارة عن مقاطع نغمات يتم سماعها عبر سماعات بكل من الأذنين، بحيث يتم بث ترددات معينة في الاذن اليمنى وأقل في اليسرى، وهذا ما يجعل الجسم عند سماعها يتأثر كما يشبه تأثير المخدرات المعروفة مثل الهيروئين والكوكائين، لتصل الى الدماع وتؤثر على ذبذباته الطبيعية وتدخل متعاطيه إلى عالم آخر من الاسترخاء، حيث تتم تجارة هذا النوع من “المخدرات”عبر الانترنت وتأخذ منتجاته وتُحمل بشكل مجاني كعينة تجريبية وتوقع المستمع إليها ضحية الإدمان.
وأوضحت أن دراسة الدماغ وطبيعة الإشارات الكهربائية التي تصدر عن الدماغ بعد تعاطي نوع محدد من المخدرات حددت حالة النشوة المرغوبة، حيث إن كل نوع من المخدرات الرقمية يمكنه أن يستهدف نمطاً معيناً من النشاط الدماغي، فعلى سبيل المثال عند سماع ترددات الكوكائين لدقائق محسوبة، فإن ذلك سيدفع لتحفيز الدماغ بصورة تشبه الصورة التي يتم تحفيزه فيها بعد تعاطي المخدر.
وبينت كشيك أن العقاقير الرقمية التي تعرف بدقة أكثر بإيقاع الأذنين هي أصوات قادرة على تغيير أنماط موجات الدماغ وإحداث حالة وعي متغيرة وتحقيق حالة تأمل عميقة مماثلة لتلك التي تأثرت بتناول المخدرات فهي موسيقا تشبه حبوب الهلوسة تخدر العقل بالموجات وتنصب فخا للإدمان من بوابة المحتوى.
كيف بدأت؟
وأشارت إلى أن هذه الظاهرة بدأت في عام 1839 عندما اكتشف العالم هنري وليم ديف أنه إذا سلطت ترددين مختلفيين قليلاً عن بعضهما لكل إذن فإن المستمع سيدرك صوت نبض سريع، واستخدمت هذه الآلية لأول مرة في عام 1970 من أجل علاج بعض المرضى النفسيين ولاسيما أولئك الذين يعانون من الاكتئاب الخفيف والقلق وذلك عند رفضهم العلاج الدوائي حيث كان يتم تعريض الدماغ إلى تذبذبات كهرومغناطيسية تؤدي إلى فرز مواد منشطة كالدوبامين وبيتا اندروفين لتسريع معدلات التعلم وتحسين دورة النوم وتخفيف الآلام وإعطاء إحساس بالراحة والتحسن للمرضى.
كيفية تسويقها
وعن كيفية تسويق هذا النوع من “المخدرات”، قالت الأستاذة في كلية التربية: إن ذلك يتم في عدد من المواقع الإلكترونية، حيث يمكن إيجادها على هيئة تطبيقات وبرامج تعمل على الأجهزة وتكون مصحوبة بدليل لبيان كيفية عملها للوصول للنشوة المطلوبة، ويتحدد سعرها وفق الشعور الذي يود المشتري الحصول عليه، فهناك ملفات قصيرة مدتها ربع ساعة ومنها ما يصل إلى ساعة، وهناك بعض الجرعات تتطلب منك الاستماع إلى عدة ملفات تمت هندستها لتسمع وفق ترتيب معين حتى تصل إلى الشعور المطلوب.
آثارها وأخطارها
وبالنسبة للأخطار والآثار النفسية والعصبية والجسدية التي تخلفها ورائها مثل هذا النوع من “المخدرات”، أوضحت أن المخدرات الرقمية التي يتعرض لها الأطفال والمراهقون عبر الشبكة العنكبوتية وملفات السوشيال ميديا المختلفة عبر ملفات صوتية وموسيقية، تكمن خطورتها النفسية والعصبية والسلوكية في تغذية العنف من خلال الصوت الصاخب والكلمات القاسية في المحتوى، كما أنها تؤثر على الأعصاب وتسبب رجفة وتشنجات بالجسم، كما أنها تجعل المدمن في حالة انطواء وإرهاق دائم وتسيطر عليه عصبية مفرطة وأحياناً تظهر لديه سلوكيات عدوانية ويكون مشوش التركيز والتفكير غير متجاوب مع الآخرين وحوله من الناس،كما يتعود الفرد تدريجياً إلى أن ينغمس مع هذه الأصوات ويعيش فيها حالة من التفاعل والانسجام تدفعه إلى النشوة والفرح والهوس والانفعال والنشاط الزائد حتى ينفصل ذهنياً وجسدياً عن الواقع ويرتبط يهذه الأجواء سواء بسماع المؤثر أو دون سماعه حيث يظل ذهنه ملتصقا بالأثر الذي تتركه تلك الألحان السلبية والانفعالات المشوشة
علاجها
وفيما يتعلق بعلاج هذه الظاهرة الخطيرة، أكدت أن العلاج يبدأ من تنشئة الأهل لأبنائهم منذ الصف الأول على الموسيقا الإيجابية التي تحافظ على هدوئهم وذوقهم واستقرارهم المزاجي والذهني وحتى العاطفي، لما للتربية الموسيقية من دور مؤثر في تأسيس وتحصين وجدان الطفل منذ مرحلة النشىء ومن خلال إحاطة الطفل بألة موسيقية معينة وتغذية وعيه بمقاطع موسيقية ملهمة قادرة على صيانة ذوقه، فضلاً عن كونها تسهم في ترقية سلوكه وتهذيب مزاجه النفسي وتمنحه قدرات ذاتية وتجارب وجدانية يتكىء عليها في جميع مراحله العمرية، فمحتوى الموسيقا الرقمية تتم برمجته للتأثير على ذهنية الطفل وانحراف سلوكه، كما يجب على الأهل مراقبة المحتوى الذي يشاهده الطفل، وأيضاً يجب تدريب بعض المختصين لمكافحة تلك المواقع التي تنشر المخدرات الرقمية وتقديم قوانين رادعة لتجريم استخدامها،كما يجب العمل على نشر حملات التوعية المبكرة للشباب لتجنب الوقوع ضحايا لهذه الظاهرة ونشر التوعية بين الآباء لمعرفة كيفية مراقبة أبنائهم أثناء استخدامهم مواقع الإنترنت المختلفة، إضافة إلى العمل على نشر حملات التوعية داخل المدارس والمؤسسات التعليمية المختلفة لحماية الشباب.

آخر الأخبار
الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم السوداني يعلن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان في العراق المتحدث باسم الجنائية الدولية: ضرورة تعاون الدول الأعضاء بشأن اعتقال نتنياهو وغالانت 16 قتيلاً جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في سومطرة الأندونيسية الدفاعات الجوية الروسية تسقط 23 مسيرة أوكرانية خسائر كبيرة لكييف في خاركوف الأرصاد الجوية الصينية تصدر إنذاراً لمواجهة العواصف الثلجية النيجر تطلب رسمياً من الاتحاد الأوروبي تغيير سفيره لديها