كان أيام زمان يلجأ الموظف إلى كل المعارف و” الواسطات ” حتى يصّير رئيس دائرة أو مدير مركزي أو مدير عام، اليوم صار العكس في ناس عم تتوسط كي لا يتم تسميتها بأي مفصل وظيفي، لأن الأمر أصبح مسؤولية بدون أي حافز أو حتى أي ميزة، وأصبح عبئاً ثقيلاً على مَن يعمل.
التعويضات مزايا أعطاها المُشرع ووزعها على المفاصل الوظيفية لتحفيز الموظفين وزيادة مهارات العمل ورفع الكفاءة والولاء للعمل، ولا يعني بأي شكل من الأشكال أن غياب التعويضات والحوافز يُلغي المهارات أو يقلل من الولاء للعمل ولكن مع امتداد الزمن وطول الفترة أصبح “المنصب” عبئاً على هذه المفاصل، وأصبح الشخص النزيه يصرف على هذا المكان.
مخصصات المديرين المركزيين والفرعيين والعامين من البنزين تم تخفيضها لعدة مرات خلال سنوات الأزمة، وعلى مبدأ الأسعار “ما في سعر مادة طلع ورجع نزل” وهيك مخصصات البنزين” وهذا الأمر بالنسبة لهذه الشريحة من مفاصل العمل في مؤسسات الدولة مثل المواد المدعومة بحاجة إلى إعادة النظر، فلا يُعقل أن تكون مخصصات مدير مركزي أو مدير عام أو فرعي 69 ليتراً للمدير المركزي و 90 ليتراً للمدير العام بالشهر أي تعبئة واحدة لسيارة الشام وهذه بأحسن الأحوال تكفي عشرة أيام لمن يسكن في الضواحي وفي الحقيقة معظم المديرين في الضواحي، والسؤال كيف سيُكمل هذا المدير المركزي أو المدير العام بقية الشهر؟ قبل رفع أسعار المحروقات كان من الممكن تأمين بعض الكميات ولكن بعد رفعها كيف سيتمكن المدير من الذهاب والقدوم إلى العمل.
أمر آخر يتعلق بتركيب أل “جي بي أس ” للسيارات الحكومية وهذه خطوة مهمة لأنه توجد مئات إن لم نقل آلاف السيارات المتوقفة ويتم التصرف بمخصصاتها وبالتالي من خلال أل “جي بي أس” يمكن ضبط هذه الكميات التي ربما تذهب للسوق السوداء، ولكن الأمر ليس كذلك بالنسبة للسيارات المُخصصة، فالسيارات المخصصة معروف سعتها والمخصصون بها وكمياتها، وبالتالي لن يحقق ذلك أي وفر، ولن يكون سوى ترتيب تكاليف على الخزينة لتركيب الأجهزة، أيضاً الجميع يعرف وضع هذه السيارات المتهالكة واستهلاكها الكبير للبنزين الأمر الذي جعل كثيراً من المديرين المالكين لسيارات خاصة يستخدمون هذه الكميات بسياراتهم التي هي أقل استهلاكاً وأفضل فنياً وبالتالي تكفي لعدد أيام أكبر، فهل هذا يزعج أحداً طالما أنه لا يرتب تكاليف وأعباء على الخزينة؟.
قد يفسر البعض أن الطلب برفع كميات البنزين للسيارات المخصصة ليس بمنطقي في هذه الظروف ولكن الأمر ليس كذلك، الأمر أصبح أكثر من ضرورة لاستمرار العمل والأشخاص في مؤسساتهم، ولا يوجد مدير إلا ويدفع من راتبه للسيارة ولأمور أخرى تقتضيها ضرورات العمل.