يسأل الجد حفيده عن هذا الجهاز الإلكتروني الذي يصافح يده، ويعانق عينيه ليل نهار فيجيب الحفيد فرحاً بجديد( موبايله) لأن والده كان قد استبدل له القديم بأحدث وأغلى، هدية نجاحه في الشهادة الثانوية كما وعده، يقول ابن الثامنة عشرعاماً..هذا ياجدي العالم كله بين يديك .
يضحك الجد مستغرباً مستفسراً متسائلاً وكيف يكون ذلك ؟ يقرب الحفيد الشاشة الزرقاء إلى وجه الجد لمحو أميته الإلكترونية بصوت وصورة الفيسبوك فيكشف المزيد من جوانب حياة الناس وأسرارهم وصورهم ومعلوماتهم الشخصية لبعضهم البعض وبينما هو يقلب صفحات مواقع التواصل الاجتماعي يعلق الجد بدهشة قائلاً ..ماأطول لسان الفيسبوك!.
في زمن الأنترنيت تكاد تنعدم الخصوصية وأسرار البيت من مشكلات عائلية وخلافات الأزواج و كثير من حالات الطلاق يكون سببها الفيسبوك ولاسيما عندما يكون الزوجان أصدقاء إذ بات الأنترنيت خير وسيلة للتأكد من استقامة وإخلاص الزوج أو للتعرف على جوانب خفية فيه من خلال تعاطيه مع الأصدقاء.
في الوقت الذي يخشى كثير من الناس نقل خبر وفاة لقريب لنا أو عزيز، ويحاولون بما يملكون من معرفة وخبرة حياتية تهيئتنا جسدياً ونفسياً لتلقي صدمة القدر، يتجرأ الفيسبوك وأخواته لإعلان خبر الوفاة دون مقدمات وتقديم واجب التعازي وربما بعد دقائق من الوفاة.
لاشك أن الحداثة ضرورة تاريخية وحضارية لايمكن الاستغناء عنها ولكن علينا التزود بتربية إعلامية لفرز الغث من السمين ومعالجة سيل الرسائل من قبولها أو رفضها وعدم الانسياق الأعمى ويكون ذلك بإدخال التربية الإعلامية ضمن المناهج التربوية وإكساب مهارة التعامل مع الإعلام فهماً واختياراً واستهلاكاً وإنتاجاً لمواجهة غزو العقول في العصر الرقمي.