الثورة-رنا بدري سلوم:
لم يكترث لصواريخ العدوان الإسرائيلي، فحبّه لكرة القدم وتعلّقه بها جعله ينسى ما حوله، عاصف طفل يعشق لعبة كرة القدم ويهوى أن يكون لاعباً محترفاً يوماً ما، ليرفع اسم فلسطين عالياً، عاصف لحق كرته التي دخلت أرض الجيران، ما إن التقطها حتى سقط صاروخ غاشم تسبب في بتر ساقه، يطالب وهو على فراش الإسعاف متألماً أن تتوقف الحرب وأن يساعده أصحاب الأيادي البيضاء في تركيب ساق اصطناعية، تساعده في تحقيق حلمه، بعد أن تخمد الحرب نيرانها، يوصل عاصف صوته وصوت الكثير من الأطفال الذين فقدوا أطرافهم نتيجة العدوان الهمجي المتواصل على قطاع غزة، عبر المنصّات الاجتماعيّة التي تعمل جاهدة في نقل صوت وصورة الفلسطينيين والنازحين، ولاسيما بعد أن منع العدوان الغاشم الوسائل الإعلامية العالمية الدخول إلى القطاع ونقل الأحداث والتحدث إلى الفلسطينيين لتزييف الحقائق وإخفاء جرائمه الوحشيّة بحق الأبرياء.
لم تكن أحلام الأطفال الفلسطينيين كلها ورديّة، فالطفلة مروى كالكثير من الأطفال الذين يشعرون بألم الفقد وخاصة فقد الأم، تمنّت لو أنها استشهدت مع أمها على أن تعيش هذه الحياة المأساوية، فالتهجير من غزّة والمعيشة الصعبة في ملاجئ أمر يصعب التأقلم معه وخاصة حياة لا نوم فيها، النوم الذي كان أبسط الأحلام عند محمد ابن العاشرة، فصوت الصواريخ والطائرات وغيرها من أجواء الحرب والعدوان لم تكن بعيدة عن مسامع الأطفال الذين يعيشون في قهر وبؤس وشقاء، ينتظرون الهدنة، “الهدنة كي أنام” بحسب محمد.
مئات الثكالى والجرحى، وأطفال مهددون بالموت بسبب نقص الأدوات والتجهيزات الطبية، ورغماً عن شبح الموت المنتشر هناك وسط صمت دولي، بقيت أمهات الشهداء والجّرحى بعزّة وصوت غاضب لا يغيره قهر وحرمان، يحمدن الله على كل حال ويوصلن صوتهن عبر المنصّات الاجتماعيّة، بأنهن صامدات، وقصة العائلة التي تعود للعيش في منزلها المدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في غزة خير دليل على أن الشعب الفلسطيني متجذّرٌ في أرضه حتى آخر رمق مؤمن بأن “النصر صبر ساعة” وينتظرون ولن يساومون على أحلامهم في حق العودة إلى أرضهم منبت صمودهم ووجودهم.