الملحق الثقافي-حسين صقر:
معروف للجميع أن القضية الفلسطينية حاضرة دائماً بالنسبة لغالبية العالم العربي، بينما لا تعد في أوروبا محور الصحف والقنوات، وهو ما يؤكد أن الغرب يغمض عينيه عن الجرائم الصهيونية بحق الفلسطينيين، وعن مطالبتهم بالحقوق المشروعة، وقد تزايد ذلك منذ عملية طوفان الأقصى، ويعود ذلك ليس لعدم فهمه لمعاناة أهالي غزة بل لعدم رغبته بفهم مايجري، ولاسيما أنه يمارس التضليل بصوره المتعددة ومستمر بالكذب والنفاق بعد أن جعل من نفسه مصدراً للمعلومات حول كل مايجري هناك.
ازدواجية المعايير التي يمارسها الغرب المتآمر ضد أهلنا في فلسطين يدفعه لتأليف الكذبة وتصديقها، وهو ما فتح باب النقاش واسعاً حول مسألة الانحياز الإعلامي الواضح والصريح الذي يمارسه لمصلحة إسرائيل على حساب فلسطين وشعبها، وكذلك تبنّي الرواية الإسرائيلية وادعاءات حكام الاحتلال لتحويل الضحية إلى جلاد، والعكس بالعكس، وذلك من أجل أن يُنظر العالم إلى غزة وشعبها بعين الحقد، وتعمية الرأي العام العالمي عما تتعرّض له من تدمير ممنهج على أنه مجرد «دفاع إسرائيلي عن النفس».
الإعلام الغربي لايغض الطرف عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة وغيرها من مدن فلسطين وحسب، بل يقلب الحقائق ويزورها عبر الاعتماد على امبراطوريات إعلامية قديمة ولها باع في كار الكذب والخداع.
إذاً فالإعلام الغربي والبريطاني والأميركي تحديداً ينحاز للصهيونية وإسرائيل منذ أكثر من مئة عام، وهو اليوم مستمر بالتعامي والتغاضي عن الجرائم الإسرائيلية المرتكبة والتي تمارس ضد الفلسطينيين، كما أنه مستمر بالتضليل ولايفوت أي فرصة لإقناع العالم بعكس ما يقوم بها حكام بني صهيون ضد العرب في فلسطين المحتلة.
مايجري من تضليل يؤكد أن الحيادية والاستقلالية والموضوعية في الإعلام الغربي، والتي يروجون لها، ليست إلا شعارات ساقطة وادعاءات، حيث من الصعب جداً لأي مؤسسة إعلامية أن تكون مستقلة، ولاسيما مع ظهور الإعلام الجديد
الذي يشكل الكذب بالنسبة له عمود مهم في قيام مؤسسته التي فيما لو أرادت الاستمرار بعملها، لابد من اعتماده منهجاً، لأن موارد التمويل أصلاً تعمل لمصلحة الإسرائيليين، وتكون في الغالب بأيدي شركات ومراكز قوى تجامل – إن لم نقل – تؤيد الرواية الإسرائيلية وكيان الاحتلال الإسرائيلي، وذلك إلى جانب الماكينة الصهيونية، والمتمثلة باللوبي الصهيوني وأدوات الإعلام المنتشرة في العواصم الغربية، لا تعمل بمعزل عن أدوات أخرى بل تشكل السفارات والبعثات الدبلوماسية عنصرها الرئيسي، وهذه الأخيرة تتوجه نحو الأقلام والأصوات الصحافية والإعلاميين الذين يركبون قطار التمجيد والتأييد لإسرائيل.
كل ذلك سببه تحول الإعلام الغربي لمصدر للمعلومة، وذلك بسبب القيود المفروضة على بعض مؤسسات الإعلام العربي، وعدم وجود هامش في بعض المؤسسات للحركة والكتابة واللتين يدفعانه للتقصي والبحث والمتابعة، وهو ما يجعل أيضاً وجود تفاوت بين بعض وسائل الإعلام التي تداولت أخبار غزة، حيث لم تكن كلها في الدرجة نفسها من المساندة لتكذيب الرواية الصهيونية.
العدد 1170 – 5 -12 -2023