تطالعنا كل فترة شريحة من مكونات المجتمع السوري بتصريحات تدعي فيها أنها “هي مَن حمى البلد . ” حتى سهيل ابن خالي يقول وعلى ذمته أنه أنقذ البلد من كارثة حقيقية ولكن لا يستطيع الحديث عما قام به إلا بعد أربعين عاماً وأعتقد والعلم عند الله سيموت هذا السّر لأن عمره الآن تجاوز حاجز ال٥٧ سنة .
حمى الدولة السورية ، مؤسسات الدولة ، (مؤسسة الرئاسة ، مؤسسة الجيش العربي السوري ومؤسسات القطاع العام بموظفيها ) ولا ننكر دور كثير من الفئات والأطياف .
بالمقابل هناك مكونات استثمرت في الأزمة واحتكرت وما تزال حتى اليوم وهي لم تحم البلد وإنما نهبته و تصلي لاستمرار الأزمة لأنها تعيش على الأزمات وتستثمر فيها .
كل مَن عايش الأحداث في سورية يؤكد أن الدولة السورية صمدت بمؤسساتها وهذا جعل من قطاعها العام ومؤسساته هدفاً لمَن كان وراء الحرب على سورية و قد تم تدمير جزء كبير من مكوناته في قطاعات النفط والكهرباء والمعامل والمصانع وغير ذلك .
المؤسف في الأمر أنه مع عودة الدولة إلى معظم المناطق لم يتوقف استهداف مؤسسات القطاع العام ، وما لم يتم تدميره بالحرب ينهار اليوم بسبب ضعف الإدارة الحكومية وتناقض القرارات والإجراءات وليس بضعف الإمكانات، لأن الإدارة الناجحة تحافظ على الأقل على ما لديها ،وتضاعف من الإنجازات وتراكمها لتحقق في النهاية ما حققته المؤسسات الأخرى من انتصار .
قطاعنا العام تداعى بشكل كبير ،والمؤسسات خَلَت من الكفاءات والخبرات والعمالة الشابة و هي في حالة تراجع مستمر بسبب التعاطي مع الوظيفة العامة بهذا الشكل من التخبط و تجاهل خصوصية كل مؤسسة وطبيعة عملها ، و كذلك بسبب الرواتب المتدنية والتي لا تكفي ليوم واحد .
إنتاجنا في تراجع مستمر بسبب الإدارة الحكومية،فلا يُعقل ان نتحدث عن خطط لمضاعفة الإنتاج دون أن نوفر المستلزمات ، فعلى سبيل المثال وبما أن السماد حديث البلد هذه الأيام فالقطاع الزراعي يحتاج ٦٠٠ ألف طن من السماد ، فكيف نضاعف الإنتاج بمئة ألف طن ؟
وكيف نضاعف الإنتاج بسماد سعره أعلى من أي بلد ؟و كيف نضاعف الإنتاج بسماد يُنتَج محلياً من القطاع الخاص بدون أي مواصفة ؟ والأمر ينسحب على المبيدات .
كل فترة ترفع الحكومة أسعار خدماتها و منتجاتها و المبرر “كي تستمر هذه المؤسسات في تقديم خدماتها ” مع أن هذه الخدمات تتراجع مع كل رفع لسعرها ولنا في شركات الخليوي والكهرباء خير دليل .
الأمر الآخر إن مبرر رفع أسعار الخدمات والمنتجات هو للحفاظ على هذه الجهات في تقديم الخدمات ، والسؤال ، أليس العاملين في هذه المؤسسات هم مَن يقدم الخدمات ؟ فكيف نزيد سعر الخدمة أو السلعة ولا نزيد راتب مَن يقدمها أو يُنتجها؟
أسئلة كثيرة ولكن يبدو أن ليس لدى الحكومة المغتربة عن المواطن أي جواب .!
معد عيسى